هل مررت بمرحلة تخيل أنك تقوم بتحريك الأشياء من حولك؟! إذنْ، ربما الكثير منّا قد راودته تلك الأفكار التخيليّة، التي تأخذ بالعقل الباطن نحو تصور الأشياء من حولنا والتحكم بها كما نريد خلافًا للواقع، ماذا يسمى هذا النوع من التفكير أو بمسمى آخر هل هو الوهميّة؟ جميعنا ندرك ما ابتكره الإنسان من شتى أنواع التكنولوجيا الحديثة التي تحاكي الواقع الافتراضي مثلا، كالريموت كونترول وهو التحكم عن بعد، فما علاقة التخاطر عن بعد بتلك التقنيات؟ لكنّ، هذا الابتكار هو تحكم حقيقيّ، وفي المقابل ما يفكر به هو ما يسمى الوهم.
هل العزلة تؤثر على حالة الوهم؟
قد تقرأ نفسك، وتتوقع مستقبلك في حين لا تتحرك البتّة فقط وأنت مستلقٍ على تفكيرٍ قد جمّعته مع الأيام، ولا تدرك تبعاته، ماذا حققت في السنوات الماضية؟ هل أنجزت إحدى أهدافك؟ لن تجيب عن تلك الأسئلة ما دمت لم تتنفس بعمقٍ شديد، ما زلتُ أبحث عن تفسيرٍ لحالة الوهم التي ترادفت بقوة مع العزلة! كيف تنتج تلك القاعدة؟ وكيف تفسر كل تلك الأفكار؟ ما أعتقده، بعد وضع عدّة تفسيرات منطقيّة، أنّ الافتراضيّة الحقيقيّة حين يفقد الشخص القدرة على مجابهتها والسيطرة على سلوكياتها، قد تأخذ به نحو الإدراك فوق الحسي الذي يفقد من خلاله القدرة على ضبط انفعالاته الواقعيّة التي تقيد أهدافه نحو التنفيذ، نتيجة ماذا؟ السلوك العشوائي الذي يحد من قدرته على الإنجاز، هذا ما يجعله دومًا منعزل وهميًا ربما، وضحت الصورة التي تعبر عن ترادف العزلة مع الوهم حين يجتمعان في التفكير فوق الحسي.
هل التخاطر عن بعد يحاكي الأفكار؟
قد يربط البعض "الحاسة السادسة" التي توحي بتوقع وتنبئ ما سيحصل بالتخاطر عن بعد، بالمقابل هناك أفكار قد تنتج بنفس الوقت، كأنّها مبرمجة بشكل الكتروني، إنْ كان الظاهر متشابه؛ فحقيقة الأمر ليس إلا حالة فطرية غير مكتسبة، علم النفس لا ينكر وجود الطاقة التي تنتقل من عقل المرسل إلى عقل المستقبل، بل يحصل ذلك، ومن الممكن أنْ تتطور مع التّمرن والبحث، رغم حضور الوهم لكنّ حقيقة التخاطر عن بعد موجودة في أفكار البشر وتأخذ عدّة مناحي في الحياة.
لماذا أتخيل بأنّ لدي قوى مميزة مثل الإدراك فوق الحسي أو التخاطر عن بعد؟
يجيب على هذا السؤال الدكتور "ديفيد ليبرمان" في كتاب "التحليل النفسيّ الفوريّ" قائلا " أنت لا تشعر أنه يمكنك المنافسة مع الآخرين على قدم المساواة، فتتخيل أنّ لديك قدرات خاصة يمكن أن تعطيك الأفضلية، آلية الاستجابة هذه تنتج عن مشاعر بعدم الملائمة، فتتوق لقوى خاصة لكي تعوض عدم الملائمة الحقيقيّة أو المدركة التي لديك وتجعلك تشعر بالسيطرة أكثر على حياتك وظروفك."
كيف نتجنب الإدراك فوق الحسي؟
كثيرٌ من الأشخاص يعتبرون هذا النوع من التفكير، هو قدرة خارقة لديهم. بالرغم، من عدم تطبيقه على الواقع، لماذا يشعرون بهذا الشعور؟ ولماذا يتبلور في مخيلتهم؟
لا أحد ينجو من الفشل، وإنْ كان بنسبة ضئيلة جدًا، البعض يأخذ به هذا الشعور نحو عملقة التفكير الزائد بالبعد عن الواقع، يبدأ بخلق البيئة التي كان يحلم بها، ويوجِد الأشخاص الذين يكنوا له الاحترام إذاً، يشعر بالواقع بأنّ لا قيمة له، وغير مميز، لا يمتلك بعض الصفات التي تجعل كل من حوله يبادلونه القيمة التي يستحقها، لكنْ حين يدرك الشخص نفسه بعمق وإيمان حقيقيّ، سينجو من فلتات التفكير فوق الحسي، ويتبع أهدافه من خلال رسم طريق الوصول إلى بداياته، التي تأخذ به نحو سلم المرور على جميع الدرجات للوصول إلى القمة.
ما الذي يحتاجه؟ فقط، تتبع سير كل خطوةٍ متخطيًّا لإخفاقاتها بالإضافة، إلى المرور على الماضي بقوة لترميم ما تم اختراق أعمدته، والوقوف مستقيمًا.
أسماء زيود
كاتبة وباحثة فلسطينية