انتصار فيروس


 

 

 

أثبتت أوروبا عظمتها وقوتها من خلال قدرة مصانعها العسكرية ومفاعلاتها النووية على الاستمرار بإنتاج الأسلحة القاتلة وتوفير مخزون يكفي لتدمير الكرة الأرضية وفناء البشرية، واستعدادها لتأمين الأسلحة اللازمة حتى في ظل قيام حروب عالمية، وبالمقابل أظهرت عجزها عن تأمين الحدود الدنيا من المستلزمات الطبية اللازمة لمواجهة فيروس قاتل كالكفوف والكمامات الطبية، عشرات المصانع والمعامل الغذائية أعلنت توقفها عن الإنتاج لعدم تمكنها من توفير مستلزمات الحماية الصحية للعاملين فيها، دول تجيد تصنيع الصواريخ والطائرات والقنابل، ولا تستطيع صنع كمامات وكفوف  ومعقمات. 

(والعالم بعد كورونا لن يعود كما كان!)، وأشد ما يثير الرعب أن أكثر الدول المنكوبة بالوباء (وفق منظمة الصحة العالمية) هي بالضبط أكثر دول العالم رقياً وتحضراً وقدرات، مشافي ودواء وتكنولوجيا ورفاهية، العالم بحاجة إلى أطباء لا إلى قنابل وبراميل متفجرة، بحاجة إلى أطباء لا إلى أسلحة ذكية وبيولوجية تسقط الآلاف من البشر.

والسؤال المؤلم: ماذا سيحصل عندما يصل الوباء للبلاد العربية البائسة؟؟، أو ما هو حال معاناتها في ظل التكتم والإنكار ؟؟؟، وما هو حال من تبقى من السوريين تحت سيطرة النظام الأسدي القاتل الذي عودنا على كذبه حتى في النشرة الجوية؟؟، وما هو مصير عشرات الألوف من أبنائنا المعتقلين في ظل ظروف التجويع والتعذيب، الكورونا يفتكُ بالبشرِ وهم أحرارٌ، فكيف إن كانوا خلفَ القضبان؟، حجمَ الكارثةِ سيكون أضعافاً مضاعفةً، خاصةً إن كان السجنُ في ‎سوريا، والسجّانُ نظامُ الأسد أو المليشيات الإيرانية فهذا يستدعي أن يجتمع العالم للمطالبة بالإفراجِ عن المعتقلينَ.

يستطيع الأسد تأمين الذخيرة والسلاح والصواريخ والوقود للطائرات والمروحيات، ولا يهتم بتلبية متطلبات الناس الأساسية واحتياجاتهم للبقاء في المنازل (للوقاية من كورونا) لأن الناس مجرد أرقام لديه.

النظام الفاسد والعصابة المهيمنة على رقاب الشعب استخدموا التدمير والقتل والتشريد لأكثرية الشعب السوري، والمجتمع الدولي دعمه ومكنه من الاستمرار بالقتل والتدمير والتهجير، ويتناسى اللاجئين المشردين والمهجرين العالقين على حدود الدول والمعتقلين، ويقوم بدعم طاغية الشام القاتل بشار أسد.

الأطباء والكوادر الصحية في مواجهة الفيروس:

أثبت الأطباء أنهم ملائكة الرحمة من خلال تفانيهم مع الكادر الصحي في خدمة البشرية، ويومياً يسقط العديد منهم، وفي يوم واحد مات في إيطاليا أكثر من خمسين طبيباً، والأطباء السوريين وضعوا أنفسهم في خدمة الإنسانية في كل بلدان اللجوء وتوفى منهم إثنان في إيطاليا واثنان في فرنسا.

وهذا يستدعي تغيير النظرة إليهم والاهتمام بهم ودعمهم بدلا من دعم مصانع أسلحة الموت.

لقد هزم الفيروس كل الدول المتقدمة بما فيها أمريكا، وأظهر حقيقة هذه الدول التي تهتم بصناعة السلاح لقتل الإنسان، ولا تهتم بالطب وصنع الوسائل التي تضمن حياته وسعادته. 

أخيراً:

في الغرب المتحضر سمحوا بقتل الكبار بالسن وتركهم لمصيرهم في مواجهة الفيروس، وفي تركيا وفروا لكبار السن كل ما يحتاجون إليه من دواء وطعام وحاجيات شخصية، في الغرب المتحضر قالوا: انتهت حلول أهل الأرض وبانتظار حلول السماء، وفي تركيا أصدر الرئيس التركي قرارات مهمة لحماية المواطنين، وقال: لن نجعل المواطن التركي يعاني بسبب أزمة “كورونا”، ولن نسمح في تركيا لأحد أن يجوع أو يُظلم أو يتعرض لمعاملة سيئة.

نسأل الله أن يحمي البشرية وكل شعوب العالم ويحفظ الشعب السوري والشعب التركي الشقيق.

 

 

صبحي دسوقي

رئيس التحرير

Whatsapp