بحسب إحصائيات تقريبية هناك ثلاثة مليارات إنسان محتجزٍ في بيته رغماً عنه:
* ركّزنا جُلّ اهتمامنا في القرنِ المنصرمِ على مظاهرنا واستصناع جمالٍ مبتذل، وتعالينا على فطرة الخلقِ، أو استهزأنا بمن يتخمّرّن، فاُجبِرنا على ارتداءِ كمامات تطمسُ مصطنعَ الجمال الزائفِ، وتمثّلنا المبرقعات المُخمّرات حياءً وحشمة!؟ وأرجو في غدٍ قريب أن يرفع الله البلاء عن عموم البشرية ولا نجد من يأنف رفيقة دربه لاكتشافه مثالب حسنها المُزيّف بلا رتوش.
* استهترنا بالطبيّعة المدهشة وانتهكنا واحتقرنا ودمّرنا، فُحرمنا منها وصرنا نتأمّلها وادعة تتنفّس مرتاحة من انتهاكنا واعتدائنا الهمجي عليها، من وراء زجاج نوافذنا وشرفات بيوتنا!؟
* استخفّت البشريّة بعمومها بالمعلّم فأهملت مكانته وكرامة عيشهِ، واستهترت بدور المدرسة لنقل المعارف، فأُغلِقَت المدارس والجامعات.
* قصّرنا مع أهالينا وأهملناهم، فُمنِعنا من زيارتهم نهائياً وتركناهم للمجهول وحيدين مهملين!؟
* أتلفنا أعمارنا في العمل الدؤوب لنمتطي سيارات فارهة نبّزُ بها بعضنا، فتركناها مهملة في الشوارع يعلوها غبار الغرور والتبجّح الأجوف.
* تنكّرنا لمذابحِ بشرٍ آخرين أبرياء، فصرنا عرضة لكل أنواع المخاوف والإهمال والموت المجهول المتربّص.
* تنكّرنا للخالق وتعاليمه السمحاء العظيمة وانتهجنا ألف مذهب تكفير وجوديّ وجحود وتعالي، فأغلقت كل أبوابه في وجوهنا وصار أشدّنا بعداً عنه يناجيه سرّاً وعلانية ليرفع البلاء، ويرحم البشر ويخفف عنهم!؟
* انقسمنا لملل ونِحل فتهافت الجميع بعفويّة متجاوزين أسوار أحيائهم متضامنين ليتعاونوا في مواجهة الوباء.
سيكون هناك غدٌ مشرق للبشريةِ بعمومها إن فهمت الرسالة واعتبر منها، وما أرى كورونا لجميعنا مؤمناً بخالقٍ واحد أو كافرٍ به، إلّا فرصة لمراجعة حساباتنا لتقوم الحياة على أسس أخلاقية تضامنية تكافلية بين عموم البشر دون جشع واحتكار واستيلاء وقتل وتعدٍّ وقهر، فها هي الأرض منبسطةً مُقفرة وكأنّ بيوتنا صارت أشبه بقبور نتحرّك داخلها.
كأنّ مقابرنا المهملة التي اكتظّت بها الأرض على سعتها، ينهض فيها أمواتها لينالوا بعض حقوقهم التي سلبناها بالتدليس والنفاق والجشع والحيونة.
محمد صالح عويد
شاعر وكاتب سوري