بُكَاءُ الشُّمُوعِ


 

 

 

لَا أَعلمُ تَماماً متَى اِنطَفأتُ

لَٰكنَّنِي أَدرَكتُ فَجأةً

وَحِينَ مَدَدتُ يَديّ رُوحِي

أَتبيَّنُ حَصيلَةَ أَيامِي

بِأنَّهُ لَم يَتبقَ منِّي سِوَى الرَّمَاد!!

..

تُنكِرُنِي ذَاكِرةُ الوَردِ

وَحِجَارةُ الصُّوانِ الَّتِي أَضرَمَت

كُلَّ حَرائِقِي الجَميلةَ

ثُمَّ لانَت قَسوتُها

تَحتَ لهب دُموعِ شمعَةٍ متقدة

بَينَ جَوارِحِي

هَا هِي الآنَ تَبكِينِي

وأنا ألقِي بِهَا مِن شَاهِقِ الرَّجَاءِ

إِلَى قَاعِ المُستَحيلِ

لِنَنتَثرَ مَعاً دونَ وَجَلٍ أو خَجلٍ

فَالرِّياحُ البَريئَةُ وَحدهَا

سَتَحمِلْ أَمامَ الله

وِزرَ تَبعثُرنَا!!

..

أَمَامَ عَينيّ رُوحِي

كَانَ لِنُورِ الشَمسِ صَلَاةٌ

عَلَى ظَهرِ غَيمَةٍ

اِستَسلَمَتْ لَهُ بِكُلِّ إِيمانِها

واليَقينِ

 

وحِينَ تَخدَّرتْ فِي غَياهِبِ الوُلوجِ

إِلَى سِدرَةِ الضَّوءِ

وآمَنتْ بِاِلتِحامِ

الدِّفءِ والمَطرِ

قَضَى وَطَرَهُ مِن مُهجَتِها

وألقَى بِها فِي السَّعيرِ

فَتَبَخَّرَتْ!!

..

(يَا أَيُّهَا الدَّمُّ المُخضَّبُ بِالأَلمِ

كَالشَّفقِ الذَّبيحِ في أُفقِ رُوحِي:

الحُزنُ بَاتَ ثُقباً فِي صَدرِي

يَبتَلِعُ كُلَّ مَجرَّاتِ الفَرَحِ

فَهَلَّا كَفَفتَهُ عَنِّي !! ).

..

تُغادِرُنِي أَنفَاسِي

وتَتُوهُ أَيائِلُ قَلبِي

فِي غَاباتِ العَتمَةِ

يَحتَلُّ القَهرُ

كُلَّ مَحاريبَ النُّورِ

في مَرافِئِي السِّرية

وقَداديسَ الضَّوءَ

وفَرادِيسَ الصَّلَواتِ

في شُطآني!!

(يَا أَلفَ أَلفَ آهٍ.. وآهٍ

تَنسَّكَت الشَّواهِدُ

فِي صَومَعةِ الشَّتاتِ

فِيمَا تَشظَّتْ بِتَعبٍ

سَنابِكُ العُود!!ِ)).

..

أَهرُبُ مِن ذَاكِرَةِ الشِّمعِ

فَتَردُّنِي أَسوارُ المَنافي

خَائِبةً

تُؤجِّجُ فتيلَ قَارِعَتِها

بَينَ جَوارِحِي

أبسطُ كَفَّيَّ قَلبِي بشِدَّةٍ

لِأقبِضَ عَلَى جَمرَةِ طِينَتِهِ البَيضاء

عَلَّهُ يَتوقَّفُ عَن مُقايَضَةِ حُلمِ البَنَفسَجِ

بِأشواكِ عَواسِجِ السَّرابِ

وَيَنثُرُ مَكرُماتَهُ الطَّاهِرةَ

عِندَ مَزاليجِ السَّماءِ

فَتُفتَحُ بَواباتُ الجِنَانِ

فَأَنَا أَحتَاجُ جِدَّاً

لِأَيكَةِ ظِلٍّ

كَي أنَامَ!!

..

مَخَاضٌ قَلبِي

أستَنِدُ عَلَى فَراغِ المُنتَهَى

وأُلَملِمُ دُمُوعَ الدَّهرِ

مِنَ شُّرُفَاتيِ الحَزِينَةِ

أَحقِنُهَا كَنُسغٍ حَيٍّ

فِي حَبلٍ سريٍّ لِسَحَابَةٍ

هِيَ حَصيلَةُ عُمري

الَّذي لَم يَدَّخِر

إلَّا الآهاتِ الخَرسَاءَ

(فَلَرُبَّمَا تَستَجيبُ مَشيمَتُهَا

لِآياتِ اليُسرِ مَا بَعدَ العُسرِ

وتُنجِبُ لِيَ الأَقدَارُ

طِفلَ الفَرَحِ!!).

 

افتخار هديب

شاعرة وكاتبة سورية

Whatsapp