فيروس قض مضاجعنا وسيطر على حياتنا متحولاً إلى كابوس، أهي الساعات الأخيرة من حياتنا؟ جئت متأخراً أيها المتحول، فقد تحولت حياتنا منذ سنوات. في الغربة هناك تخطي لكل المشاعر، شهداءنا بالمئات، ومشردينا في كل أصقاع البلاد ومعتقلينا بالآلاف!!!!، وأصبحت مناعتنا قوية تجاه كل الأحداث، كنا نود أن يشعر بألمنا أحد ويخفف عنا الأهوال التي مررنا بها، لكن هيهات فقد أصبح وجعنا أكبر وصراخنا أعلى من كل الأصوات ودمعتنا تحجرت قبل أن يحجرونا، نريد نهاية تليق بنا غير الكورونا، فقد جاء العالم متأخراً!
هل ستختال الحرية بعد هذه الجائحة وحيدة في الشوارع وتقف لتقرأ الفاتحة على أرواح من ضحوا لأجلها عرفاناً بالجميل؟
لكننا الآن في واقع مريب، أصبحنا كالعصافير في الأقفاص، ونحن من دفع دماءه ثمناً للحرية، وليس باليد حيلة إن هانت علينا حياتنا فحياة الآخرين تعنينا، هم سعداء يعيشون نعمة الحياة العادية التي شاركناهم إياها من بعيد، وأكثر ما يؤلمنا التركيز الإعلامي على وفاة كبار السن فهذه جريمة أخلاقية، هل أصبح العالم بعد كورنا ليس كما قبله؟، وهل عجزت المشافي عن استيعاب مصابي بلدهم؟!، وفقدت الأدوية والمنافس والكمامات في كل البلاد؟!، وفي سوريا لِمَ لم تفقد القنابل والصواريخ وتتوقف من الهطول علينا كالأمطار!!!؟ لو استغنوا عن صاروخ واحد لسدد ثمن ملايين الكمامات، أهو عالم الحروب فقط؟
يعمل المتحكمون فيه بالهروب إلى الأمام وترك الناس تموت دون التفكير لحظة بحياة هؤلاء وقد يكونون هم من بينهم، وبات الحجر الحل الأمثل في كل مكان، إلا في سوريا حجر ثلاثي الفيروس والفقر والمخابرات!
ومن باب الفكاهة التي أصبحت جزءاً مميزاً من شخصيتنا بسبب المناعة التي اكتسبناها من الصدمات التي عشناها وأصبحنا مصفحين من كل الجهات، حيث انتهت دموعنا بل جفت وانتهينا من الزعل والقهر والأوجاع وكلا منا أصبح بطل حياته الوحيد.
سألت امرأة مسنة شاباً يقال: أن الكورونا وصلت إلينا هل هذا صحيح؟ أجابها: نعم وبكثرة تحسرت وتنهدت وقالت: غداً المسؤولين يأخذونها كلها ويوزعوها على أولادهم وأقاربهم.
ويقال أن مسيرة مليونية ستخرج في العاصمة تحت شعار خليك بالبيت.
أما الأبطال الحقيقيون هم الأطباء الذي خاطبهم العالم المتوازن، انهض يا بطل غاب الشيخ واختفى القس وابتعد الحاخام، إن كان للعمر بقية فهذه السنة ستغير الكثير، سيكون هناك تغير بحياتنا وعلاقاتنا، تحية من القلب إن قبلت! للأطباء وكل الطاقم الرائع المتفان وللشرطة وكل من ضحى بحياته فعلياً من أجل إنقاذ العالم من هذا الوباء.
نعود إلى ذلك الفيروس الذي ينتشر بسرعة رهيبة تفوق الشائعات المخابراتية في بلادنا، هذا الخطر أصبح تهديداً حقيقياً للبشرية، بما فيهم الحكام والأغنياء والمسؤولين وحتى الجلادين! لو انتبه العالم ولم يهدر أمواله في سبيل قتلنا وتشريدنا، لكان لديه المزيد من المشافي والأطباء والمواد والكوادر.
أما في الداخل السوري فحدث ولا حرج! لقد قتلوا كل الأطباء والعقول المفكرة، ودمرت كل المشافي والبنى التحتية، ففي معظم المناطق لم يعد فيها أقل مقومات الحياة ألا وهو الطعام، فكيف لهم من مجابهة فيروسين قاتلين (بشار وكورونا).
الوقت يداهم الجميع ونحن على مسافة قريبة من مجزرة كبيرة إن لم يتداركها العالم، وإلا سنقول لآخر من يبقى على هذه الكرة الأرضية أن يطفئ الأضواء ويقفل الأبواب ويرمي المفاتيح في البحر، فهي لا تستحق أن يحيى عليها الكارهون والمستغلون وأن يحكمها المجرمون.
وغداً بعد انتهاء حرب الكورونا والانتصار عليه سيخرج الجبناء من جحورهم ويقصون علينا ملاحمهم البطولية الكاذبة وأنهم من كان وراء الانتصار على الفيروس.
وداعاً لعالم أعمى وأخرس وأطرش، أتمنى أن يعتليك البشر من بعدنا، طبعاً لن يصفق أحد بعد الآن... التوقيع كورونا.
إلهام حقي
رئيسة قسم المرأة