أمام هذا الحدث تضمحل الحروف وتتلاشى، ليبقى فقط نبضاً خافتاً مختنقاً وعيوناً تترقب مراس وشواطئ.
تتراقص الأمنيات أمامنا تحمل رسائلنا إلى كل البلدان، ونتلقى رسائلهم وليس صدفة أن تكون كلها تحمل نفس الكلمات نفس الأمنيات ونفس الأحزان!! لكن هناك شيء كبير يجول في رؤوسنا بسبب هذا الحجر ومحاكاة الذات، من سيقود العالم بعد هذا الوباء؟؟؟ بالطبع ليس عالماً ولا سياسياً ولا عبقرياً بإدارة البلاد! من سيقود العالم لا بد أن يملك فقط الإنسانية، لا للمتاجرة بأرواح الناس، لن نترك لهم أن يحددوا من يستحق الحياة، كلنا على هذه الأرض نستحق الحياة، قد يكون هذا العجوز يملك حكماً وعقلاً وأفكاراً غير موجودة عند أصحاب العضلات من هؤلاء الشبان!، كيف يستطيع هؤلاء الشبان أن يثقوا بحكامهم وهم موقنون بأنهم سيتخلون عنهم عندما يكبرون عند أول وباء!، وما هو رأي الأطفال فيكم عندم حرمتموهم من الأحضان الدافئة، ومن كان يتحمل غلاظتهم بكل محبة وحنان، عندما عصفت زوبعة العالم هزت الأفئدة وتبعثرت الحياة، وأصبحنا في حرب مرعبة وكل منا مقدر له في أي لحظة أن يفارق الحياة، ظهر الانحطاط الأخلاقي وكشفت هشاشة الأنظمة الصحية ومدى ضعف الإنسانية ولجمت الفلاسفة وعجزت القوانين عن درء خطر هذا الوباء، وكانت صدمة للعقل والضمير عندما ترددت عبارة مرعبة (هي فرصة لتجديد الشباب)، تاهت خطواتنا في هذا الزمن العجيب، لقد سئمنا حضارة النفاق، نريد العودة للوراء، اشتقنا للطعم الحقيقي لقهوة الصباح، هل ضاق بنا العالم ولم تعد الكرة الأرضية تستوعبنا أم هي خطط الجبناء؟ ذبلت الورود ونشرونا على أرصفة الأحزان، وسط أمواج في عرض المحيطات وفقدنا الأشرعة، هذا الفيروس الذي أركع الجبابرة وغير مجرى الحياة، ألقت هذه الأزمنة ظلالها علينا، فهلعنا وأصبحنا على عتاب الموت، ومنوا علينا أن نتسامح أو نتصافح قبل الوداع، فقدنا معطف الأمان، كنا نهرع إلى أحضان الكبار ليبسملوا لنا ويتلوا علينا كل آيات الحنان، لا أحد الآن يستطيع أن يمنحك الأمان والحنان، اخترق الخوف قلوبنا وتنشقنا عطر الممات، امنحونا دقائق لنصلي وننام في شوارع المدينة ونتجول على ضفاف الأنهار، وبعدها لتقرع الأجراس، ونسافر في فضاءات الروح وتحملنا النوارس وتقرب من ذوينا المسافات، سبقتنا الأشواق اليكم كالقوافل، لن يستطيعوا أن يقطعوا عنا وريد الحنان، نداري آلامنا وأحلامنا المتتالية في زمن الشظايا وامتداد الآلام، وأضحت قصتنا مرعبة بلا درع ولا أمان، نتوسد جراحنا نبكي ونضحك من هذا الزمان، وأصبح كل صباح قيد احتضار تتزاحم أشواقنا وتنزلق بكل لحظة بالفقدان، إن غادر هذا الوباء هل نستطيع أن نمزق ذاكرة الأحزان! فالحريق لابد أن يخلف الرماد وتتعثر خطواتنا بعد طول انتظار هل نعلن الاكتفاء؟ كالشمس في محنة الغروب!
هل من صوت قادم ولو في ساعة متأخرة فقد تساوى الليل عندنا بالنهار، يا شمس الصباح بلغي أحبتي أننا نحبهم ونخاف عليهم مهما بلغوا من الأعمار، أخبريهم بصدق محبتنا ودعواتنا لهم بالبقاء، عانقيهم وانثري في دروبهم ورود السعادة وارسمي الابتسامة على وجوههم فبدونهم لاتحلوا الحياة، هل لنا عمر لنلتقي بعد هذا الوباء؟
لابد للشمس المتألقة أن تغمر هذا الكون بالضياء لتبعد عن أجسادنا الصقيع الذي استوطنها، سنشرب من مياه الأنهار، سنجول الطرقات ونعبث مع الورود والحمام ونعانق الأشجار، سيعود الرقص لقلوبنا ونهيم في هذه البلاد أزيلوا الحواجز والحدود وأسقطوا جوازات السفر والحكام.
إلهام حقي
رئيسة قسم المرأة