أم نحن الذين متنا؟



 

وصلني طلب صداقة من الشيخ إمام

-هل عدت إلى الحياة يا صديقي أم نحن الذين متنا؟!

* هو البحر (بيضحك ليه).

يضحك لأنه صار سورياً.

-كم دفعت كي تغرق هنا.. كم دفعت أيها السوري؟؟؟

يقول دون أن يقسم ويشير إليهم

-دفعت زوجتي وأطفالي الأربعة وأنا.

ودفعنا فوقهم ثمن البيت الذي اشتريناه على الخارطة في حلب ولم نسكنه. قال لنا السمسار وهو يشير بسبابته نحو السماء: في الطابق التاسع بيتكم. خمسة غرف ستدخلها الشمس طوال النهار.

ودفعنا فوقهم أساور أمها ودعوات أمي، ومبلغاً استلفناه من صديقنا حاتم.

(شكراً حاتم، سنعيد لك المبلغ حال وصولنا ألمانيا).

دفعنا كل هذا وغرقنا، طفلي يقول:

أنت مالحة يا ألمانيا ... مالحة.

سامحنا يا حاتم.. سامحنا فالمسامح كريم

لم نصل ألمانيا

وصلنا الجحيم.

* البحر غضبان (ما بيضحكش) ...

اكتب لها على الفيس قصيدة وابحث عن اسمها في قائمة الذين أعجبهم المنشور.

كم أنت بلا قلب أيها الفيس

تذكّرني بالبحر فأقول: هي نائمة أو مقطوع عنها النت.

أشكر الذين وضعوا قلوباً على المنشور

وفي المساء أضع صورة لي وأنا حزين.

ضعي لايكاً يا حاتمة (فلايكك) سيمسح كل الدموع

* البحر جرحه كبير..

لا تؤاخذنا يا بحر..

أردنا فقط أن نجرب إنسانيتهم

كم قمراً اصطناعياً يرصد حياتنا

كم قمراً يراقب قبلاتنا السرية وأشواقنا على الهاتف

كم قمراً يتتبع بوارجهم قرب شواطئنا

كم قمراً راقب المطلوب رقم واحد والتقط له الصور في حديقة منزله

كم قمراً ينشغل الآن بك يا قمري؟؟؟.

  • لماذا حظرتني يا حاتم؟

  •  لأنك تشبهين البحر يا حاتمة.. لم تدعينا نعبرك إلى السعادة .

  • ارفع الحظر عني يا حاتم.

  •  لا أستطيع يا حاتمة لا أستطيع.. ألم تشاهدي جثتي على الشواطئ؟!

هل نسيت بنطالي الأزرق وكنزتي الحمراء وحذائي البني الجديد. حملني ضابط من البحرية اليونانية، كان خائفاً من النظر في عينيّ، قالت زوجته بأنه لم ينم طوال الليل وأنّه في الصباح قدّم استقالته.

كلّهم يا حاتمة كلّهم. البائع التركي قال لأمي: هذا الحذاء يمشي على الماء.. فقبّلته وأعطته آخر أساورها، لكنني غرقت.

كلهم كذبوا علينا يا حاتمة كلهم

الرؤساء والسفراء والملوك والأمراء، والذين قالوا جنيف وقالوا أستانة..، وقالوا لاهاي.

لاهاي يا حاتمة مدينة على البحر وصلها آلاف السوريين ووقفوا على شاطئها الجميل، رموا الأزهار للموج وغنّوا.

* البحر (بيضحك ليه)

قلت (لأندريه ريو):

ألا يستحق هذا البحر أوركسترا (يوهان شتراوس)؟ هذا البحر الذي امتلأ باللؤلؤ السوري.

كلهم خدعونا يا حاتمة وحتى أنت..

صرنا أصدقاء على الفيس.. أنا والشيخ إمام.

هل عدت للحياة يا صديقي الشيخ أم نحن الذين متنا؟

* لن أكتب لك بعد الآن

فأنا ميت وغيابي مبرر

يجمعنا الفيس ولا تجمعنا الحياة.

أنت مشغولة 

وأنا وقتي ضيق

لأنني واقف على البحر وبيدي عصا موسى

أجرب أن أضرب الماء حتى ينفلق

فافتح ممراً إنسانياً عجز كل هذا العالم عن فتحه.

*

-  للمرة الأخيرة أكتب لك يا حاتم. اقبل طلب صداقتي وإلا سأحظرك للأبد.

- لن أقبله يا حاتمة

لن أقبله

لأنني أحبك حتى الأبد.

 

محمد سليمان زادة

شاعر وكاتب سوري

 

Whatsapp