تحية الشَّام


إذا ما زرتها حي الشآما ................وأقرئ كل من فيها السّلاما

ولا تنس المآذن والتكايا ...................ولا تعدُ النواديَ والندامى

ومسجدَها الكبير وربوتيها ...................وقلعتَها ومرجتَها لماما

ومرَّ الصّالحيةَ إنّ فيها....................أراجيحي وأترابي القدامى

وقل عن حزن داريّا ودوما .............وعن دمع الثكالى والأيامى

وإما ناشدتك الدور عني ...................فقل خلفت صبّاً مستهاما

وكم طافَ الرفاقُ وغادروني ............. كَعُوَّادٍ ومروا بي كراما

قديما كان حاضرة ومجد...............وثمة كان من يرعى الذماما

وخلف آهة في الروح تعلو ...............وجرح نازف يأبى التئاما

***********

وفي صدري تؤج بنات شوقٍ .......لواعج يضطرمنَ به اضطراما

نسائم تعبر الوادي الهوينى ...............أريجُ عبيرِها يجلو السَّقاما

وأدمنت الفؤاد على هواها.................أعلقه على صدري وساما

عشقت ربوعها طفلا وكهلاً................ولـم أزدد بـها إلا هُـيـامـا

مضاربُ كالحكايا هانئاتٌ ................. وطابت مستقراً أو مـقاما

ومرّ بميسلون وحي قبراً................ أبى من ضُمّ فيه أن نضاما

رحلنا عنك لا نبغي بديلاً................ولا صنواً ولم نُردِ انصراما

وحي هلالها قمراً وليداً.....................وعـانـقـه إذا بـلـغ التماما

حدائق تشبه الأحلام تغفو................. هناك الفل يستندي الغماما

فأقبلت السحائب مثقلاتٍ .............. وفوق الغوطتين همت رهاما

وأعشق برقها الباهي عبوراً .............. وكم أهواه سحّاً وانسجاما

هنالك نهرها ينساب هوناً .............. وصوت الماء رقراقاً تنامى

هنا الصفصاف إما قد رآنا .................. يزيد حياؤه فيميل هاما

وأصغ إليه يعزف ثم لحنا .................وأنغام الصّبا تتلو الهزاما

فرِدْ عنّي عسى تطفي غليلي..............إذا ما زرت سبعَتَها إذا ما

مناهل أمّها الركبانُ كم كم ................سقت ظمآن قد بلغ الأواما

فلا تزعج جماعات السنونو............. ولا تُرعِ الهوازج والحماما

فما لهواجسي تأبى هجوعا ................ وما للثغر يأبى الابتساما

أهذي الشام يا جَوْرَ الليالي؟! ...........حكمن وما رعين لها ذماما

لقد شهدت بلاد الحسن عسفا ................ وأحداثاً وأهوالاً جساما

عميل يستعين بجند كسرى ............... ويسفر عن خيانته اللثاما

تخطى بالغواية كلّ عرفٍ ................ وكونٌ عن جرائمهِ تعامى

تعمد شامنا قتلا وحرقا ....................وروع أهلها خسفا وساما

فـأنهبـها زبانـيـةً لـئـامـاً .................. فعاثـوا ثـَمَّ حـقـداً وانتقاما

فراعينُ الحضارةِ لَيْتَ أنّا .............. ... رُمينا بالفراعين القُدامَى

وبين ركامها جثث تردت.................. وفي الأفناء أشلاء ترامى

فيا لهفي الشجيِّ على ديارٍ ............. تحاكي الفرقدين لأن تضاما

وأعجب كيف كان حجاج عين .......يرامي مخرزين فكيف رامى

***********

أتسألني عن الشكوى إلاما؟ .............وهذه الدمعة الحرى علاما

فأخبر موجعاً يخفي أساه ............... ديار الغوطتين غدت حطاما

أصخ سمعاً تأيَّ كأن طفلاً ..............ينادي في الهزيع يريد ماما

تهدهده القريبة دون جدوى .............. سعار الجوع أجفاه المناما

وترضعه عسى، والصدر خاوٍ .........وتفطـمـه وما بـلـغ الفطاما

إلى قاصي الممالك قد خطلنا ............ وبتنا ضائعين كما اليتامى

لئن طال الدجى فالفجر آتٍ...............ويمسح نورَ غرّتِه الظلاما

إذا مـا زرتها حـيِّ الشـآمـا ................وقل للياسمين اشتقت ياما


 

عبد الكريم الحاتمي

شاعر سوري

 

Whatsapp