لا أُنْكِرُ أني كنتُ صبيّاً
يلعبُ كالصِّبْيَةِ
يجري كالصِّبْيَةِ
يأكلُ، يشربُ، يأتي، يذهبُ..
يضحكُ
حتى آخر ما في النرجسِ مِنْ أملٍ
ويطاردُ أصداءَ الضّحكةِ
تخدشُ أشواكُ الدربِ براءَتَهُ،
ويعيقُ (الجُرْفُ) الأرعنُ رقصَتَهُ...
لا يتعبُ
والضحكةُ تقفزُ كالوعل
هناك بعيداً عن ضوضاءِ الوقتِ،
هناك..
فلا يشغل بالاً بالأوسمةِ الصفراءِ
ولا بنياشينِ السلطانِ
هناكَ، وما زالَ له قمرٌ يتحدَّى الوحلَ
وأسرارٌ توغلُ في الزنبقِ
تنقشُ سيرَتَهُ في ذاكرةِ السفحِ،
ليكبرَ في بطءٍ كـ(هيام) ابنةِ جارتهِ/ جارتنا
وكأشجارِ التينِ
وأشجارِ الزيتونِ..
وأشجارٍ أُخرى تكبرُ رغمَ السّاطور...
ورغمَ الماعزِ والحطّابين...
هو مِنْ-ضيعتنا...
(لا اسم لها، لا عنوان لها)
لكنْ هي كالأمِّ تبرِّرُ أسرابَ الأخطاءِ
وتُشْعِلُ فينا الدفءَ، فننسى (غربتنا)
وننفضُ عن تلك الأسرارِ غبارَ التِّيْه
هي كالأمِّ (تبارَكَ خالقُها)
وأنا منها، حرفٌ مازال يقاومُ أشرعةَ الصيّادين،
ويدفعُ في أعماقِ التربةِ جَذْرَ أمانيْه...
لا يبحثُ عمّا دفنتْهُ الرّيحُ...
ولا عنْ موردِ شوقٍ يسقيْه
أنا منها..
ويمرُّ قطارٌ إثرَ قطارٍ، وتغادرُ أسماءٌ وعناوينُ
تغادرُ ألوانٌ، ومسافاتٌ، وتدورُ الأرضُ،
تدورُ، ويبقى (كالصِّبْيَةِ) يضحكُ...
يلعبُ..
يرقصُ..
يمتدُّ كشالِ ابنةِ جارتِهِ/ جارتِنا..
وتنام (فوانيسُ) الضيعةِ..
واحدُ، إثنانُ، ثلاثةُ، لا شيء هناك/ هنا
لا شيءَ
سوى (همسةِ عشقٍ) ما زالتْ تَشْغَلُ (حارتنا)
لا شيءْ
لا شيءْ
إلا (همسةَ عشق)، وبقيةَ ضوءْ.
ـــــــــــــــــــــــــ
ريف إدلب: السبت 11 نبسان 2020م
عبد القادر حمّود
شاعر وكاتب سوري