الرصاصة الأخيرة في نعش الأسد


 

دارت الدائرة عليه. الإرهاب أقل خطرًا منه بنظر داعميه، والفشل الذريع الذي يخفيه ظهر في تقييماتهم، تململ روسي من ضعف خدماته، وكره إيراني لمعصيته التي يبديها لهم.

العبئُ الأكبر اليوم من أبرز حلفائه كما يرى هو، وسط أزمات متفشية في مناطقه وموارده، يزيد من أزماتها "كورونا". بشار الأسد، أجرم بحق السوريين للبقاء على كرسيه، فمتى يذهب؟

يرى الكثير من السوريين اليوم أن الحديث عن مصير الأسد، بات مملاً، ففي كل مرة منذ تسع أو يزيد كان الجواب: في القريب العاجل، وحُق لهم الملل من الفقاعات التي يتم طرحها بين الفينة والأخرى، لتفقد قيمتها الحقيقية وبهجتها العالية، أو ربما لتصنع حالة يأس يخطط لها الأعداء.

ليس اليوم أو الغد هو الحديث، إنما مجرد أطروحات تثير كبرى الأسئلة في ظل المتاهات التي أدخل "كورونا" فيها العالم، وعلى قدر هذه المتاهات، توجد طبخات سياسية كبرى دولية، تجعل المراقب متوجساً لما بعد الانتهاء من الفيروس "المستجد".

أحداث ملفتة صارت في خضم أزمة "كورونا" مع الأسد، ربما يكون أبرزها جس نبض من الإمارات العربية، تنقل فيها رسالة أجنبية، باتصال بن زايد وإبداء دعمه زعماً منه للشعب السوري، وكان الغريب حينها كيف يوجه الدعم للقاتل!

ولكن على كل حال.. ستبدو الرسالة واضحة، بعد الإسفار عن التشكيل الدولي الجديد قريباً.

عزف الأسد وكُتَّابه ووسائل إعلامه، على وتر العقوبات الأميركية والأوروبية كثيراً، حتى ظهروا بمظهر "المتسولين" المترجين لإيقاف هذه العقوبات، خشية من أن تنفجر القنبلة الأخيرة بوجه النظام من قبل حاضنته، ولانعكاسات اقتصادية متعددة لسنا بصددها هنا.

تم التباحث في الأمر من قبل بعض الدول، لكن دون جدوى. بادرت بعض الدول العربية وبعض الشخصيات فيها، ضمن إطار ملفتٍ كذلك الأمر، لإرسال برقيات تهنئة للأسد، بعيد جلاء الفرنسي عن سورية، متناسين أن الأسد جلب كل احتلالات العالم إلى دمشق، ولكن هذه الرسائل أراها وكأنها الوداع الأخير، لا رسائل العودة إلى الأحضان العربية.

في ظل التناقض الداخلي الذي يعيشه الأسد، وما شكلته له الثورة التي انتفضت بوجهه فأرعبته، وجعلته يهرع تارة لإيران وأخرى لروسيا، ولّدت عنده انفصام بالشخصية التي كانت بيد غيره طيلة زمن حكمه. يصيح اليوم، لمن سألجأ؟ لسان حال بشار يقول: حان وقت إيفاء الديون وجيبي فارغ! هل سيأتي "فهد" بعد الأسد؟ لا أظن ذلك، إنما طرح مثل هذه المواضيع بما تتضمنها من شخصيات، ومشاريع، وكيانات، لا قصد للدول منها إلا حرق ملفات لإتلافها، ولكن فيها رسالة أن البديل موجود، وهو غير غائب بالأصل، إنما ساكن غير مفعل إلى أن يأتي القرار المنتظر.

إيران وقبل كورونا، دخلت في أزمة اقتصادية، لا بل حتى استهداف قاسم سليماني قسم ظهرها، وجاء اليوم الذي فيه تشيخ مع وباء العصر "كورونا"، استنزفت مالياً ولو أنها تستميت اليوم لتحقيق مشروعها القائم في الإقليم، وفي سورية على وجه الخصوص، لكن الطفل المدلل بدت مؤشرات خروجه عن الطاعة تظهر، وربما المشاكسة ستكون قائمة.

الديون هي السبب، دفعت طهران بالأمس لتأخذ اليوم، لكن الأسد لم يعد يلحق للروسي والإيراني بذات الوقت، وبدأ "يلتطش" كما نقول بالعامية، فينظر إلى حدوده قائلاً: أين أنت صديقي "الكيان" فيجيبه: عليك التخلي عن إيران. ولو كنتُ غير مقتنع تمام الاقتناع بهذه الاجابة لكن نظام الملالي استخدم وانتهى دوره كما يستخدم الأسد، ويشارف اليوم دوره على الانتهاء.

أما بالنسبة لروسيا فكانت صريحة من البداية: بشار أو غير بشار المهم مصالحي في سورية وتحقيقها، وبعد أن أخذت ما تريد، بدأت تسلط أقلامها وإعلامها ورسائلها، لتقول له: أنت خادم فاشل، ضعيف، مهترئ، فاسد، لدرجة أن هذه الأقلام الروسية وصلت إلى أن تقول فيها: فساد الأسد أخطر من الارهاب! وبقيت الرصاصة الأخيرة في "سلاح الكيان الإسرائيلي" اليوم، بانتظار توجيه أميركي، إما أن تحيي الأسد وهو في نعشه بعد الانتخابات المقبلة، أو تطلق عليه رصاصة الرحمة أياً كان شكلها، فيوارى تحت التراب، أو لا يكشف له جسد، والمؤشرات باتت اليوم كثيرة، وإن كان القرار المنتظر لدى السوريين: أمر إلهي ينتقم للشهداء والضحايا، بما يثلج صدور قوم مؤمنين.

 

 

فاتح حبابة 

كاتب وإعلامي سوري



 

Whatsapp