الرِّحلة



 

خَبِـرْتُ مرارةَ الكَمَدِ

«وهذا ما جَنَتْهُ يدي»

فَلا خِلٌّ يُسامِرُنِي

ولا شَطٌّ حَبَا ولدِي

ولا «الصَّفْصَافُ» يَحْضُنُنِـي

ولا «الطَّرْفَاءُ» في عُدَدِي

تَركْتُ الحَقْلَ للسُّرَّاقِ-

للذُّؤبَانِ والقِرَدِ

فَلا وَدَّعْتُ أَحْبَابي

ولا اسْتَـهْدَيْتُ في رَصَدي

رعَى الَمولى رِحابَ الدَّيرِ-

في شُحٍّ وفي رَغَدِ

تَجَلَّى فِي أوابِدِها

جَمالُ الواحِدِ الأَحَدِ

ولَمْ أَغْفِلْ دِيَارَ الشَّامِ-

في زَعْمـي ومُعْتقَدي

فَكَمْ غَنَّيتُ تُربَتَـها

وكـمْ ألبَسْتُـها بُـرُدِي

ومِنْ أنْسَامِ «داريّا»

إلى الرَّمْضَاءِ والجَرَدِ *

ومِنْ تُفَّاحِ غُوطَتِـها

إلى «فَرْطوسنا» البَلَدي *

ومِنْ «بُصْرى» إلى «ماري»

إلى «تَرقَا» يَطِلُّ غَدِي

ومِنْ «حَلَبٍ» وقَلْعَتِـها

إلى ما شِئْتَ مِن عُهَدِ

سألتُ اللهَ يَحْرُسُها

ويطوي رِحْلَةَ النَّكَدِ

دِيارٌ في مَرابِعِها

أقامَ الدَّهرُ لِي عَمَدي

إذا ما زِرْتَ تُربَتَـها

فَرَتِّلْ «سُورَةَ المَسَدِ»

تَبَارَكَ وجْهُ واهِبِـها

بِلا مَنٍّ ولا حَسَدِ

 

*       *       *

لِحُضنِ «فُراتِـها» نَصْبُو

إلى الأْمْواجِ والزَّبَدِ

إلى جُزِرٍ تُعَانِقُهُ

لِصوتِ هَزارِهِ الغَرِدِ

فُراتُ العِزِّ نَعْشَقُهُ

كَعِشْقِ الرُّوحِ للجَّسَدِ

إلى مَغْنَـى «حَوِيقَتِهِ»

إلى الأبناءِ والحَفَدِ

إلى ما شْئتَ من «غَرَبٍ»

على الشَّطَّيـنِ مُحْتَشِدِ

سنُـرْجِعُ زَهْـوَ دِيرَتِنَـا

ونرفَعُ رايَـةَ الرَّشَـدِ

ونَعْرِفُ قَدْرَ مَنْ وَسَمُـوا

«حذاءَ الرُّوسِ» بِالأَسَـدِ

ونَعْرِفُ قَدْرَ منْ جَلَسوا

عَلى الخَازوقِ في جَهَدِ

فعيـنُ اللهِ سَاهِـرةٌ

تَحِفُّ بِنَا إلى الأَبَـدِ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- الجرد: الأرض الجرداء

2- فرطوس: التوت الديري

 

 

فاضل سفان
شاعر وكاتب سوري



 

Whatsapp