عبثاً أحاولُ طيَّ أجنحتي
وَيَحُولُ دون الأمرِ معتقدُ
راياتُ قلبي، والمدى شجرٌ
يمتدُّ في الآفاقِ، يبتعدُ
راياتُ قلبي، بوحُ ساقية
والريحُ رغم جنونها مددُ
عبثاً أحاولُ، لا توافقني
أيُّ الحواسِ، يخونني الجسدُ
لأظلَّ حيث أنا، يرافقني
عشقُ الزنابق حيثما أردُ
***
منذُ البداية كنتُ أعرفُ ما
في الدربِ من شوكٍ ومن ألمِ
خاطبتُ أجزائي فما ارتجفتْ
وأعدتُ أسئلتي فلم تلمِ
وتغلغلتْ أسرارُ موعدِنا
فهي المدى الورديُّ، وهي دمي
سأسيرُ مهما عربدتْ لغتي
فهناك مأوانا.. على القِمَمِ
أنا والضياءُ وطفلةٌ رقصتْ
للشمسِ، للأشجارِ، للحلمِ
هي بضعةٌ من خاطري، صرختْ:
قمْ فامْحُ أمسَكَ، قمْ ولا تَنَمِ
***
عبثاً أحاولُ وأدَ أسئلتي
أحتارُ، أرجعُ مرَّةً أُخرى
فالدربُ دربي، لستُ أُنْكِرُهُ
حتى وإنْ يكُ طعمُهُ مُرَّا
وضجيجُ أوهامي، أُخاتِلُهُ
لتنامَ كلُّ رموزِهِ الحَيْرى
فلديَّ غايَةُ عاشقٍ نَهَضَتْ
فوقَ التّلالِ ولم تَعُدْ سرَّا
مهما يكنْ سأسيرُ.. لا مطرٌ
يلغي مسافاتي ولا صحرا
أقسمتُ أنْ أجتازَ ما رسموا
فأعيش رغمَ أنوفهم حرّا
***
بلدي حكايةُ ضحكةٍ صعدتْ
فتحدَّتِ الجدرانَ والقهرا
وأنا الصبيُّ هناكَ لي صورٌ
وملاعبٌ أودعتُها العمْرا
ودفنتُ فيها حنطتي ورؤى
رغمَ الحوادثِ لم تزلْ بكرا
ولديَّ شوقُ ضفيرةٍ رَقَصَتْ
حينَ الهوى لضفيرةٍ أُخرى
أنا مِنْ ترابٍ لونُهُ عَبَقٌ
ولكلِّ عاشقةٍ به مَسْرى
أنا منْهُ، همسةُ جدولٍ رَكِبَتْ
مَتْنَ المَدى وتصاعدتْ فَجْرا
أنا مِنْهُ، بوحُ فراشةٍ، وهُنا
ليْ موعدٌ، وهناكَ ليْ ذكرى
***
أنا منهُ، فاسألْ كلَّ رابيةٍ
تَجِدِ الجوابَ، وتعرفِ الأمرا
عشقٌ تغذَّى مِنْ مواجعنا
ومضى يخطُّ السَّطرَ فالسَّطرا
سيظلُّ فينا لا تغرِّبُهُ
قصصٌ، فيا كفَّ الرَّدى عُذْرا
جئْنا معاً، وطريقنا مطرٌ
رسمتْ له أحلامُنا مجرى
سنظلُّ سرَّ الشَّوقِ في جسدٍ
غذّى بصمتِ حروفِنا البشرى
***
سنظلُّ في نجواهُ بوحَ رؤىً
ويظلُّ في ألواننا السِّحْرا
عبد القادر حمّود
شاعر وكاتب سوري