تعالوا نكذب على أنفسنا






 

 



 

 


 

تعالوا نكذب على أنفسنا في هذه الليلة ونتمنّى، ليس ليلة القدر، ولكن الترديد التراجيدي يُهدهدنا ويربّتُ على قلوبنا، تلك التي كانت عذبة مرهفة قبل ولوجِ هذه الدوّامة الغبراء، ثم اكتشفناها خشنة يابسة تنزّ صديداً وتدليساً وقحاً.

لا أمنية حقيقية لدى أغلبنا لأننا نرفض الاعتراف بعدل القهر والإذلال الذي انتهكنا جميعاً في ماضٍ عاصرناه سويّة بعيونٍ مفتوحة، والمُثير أننا خرجنا بنتائج مختلفة وأحياناً متناقضة حول ما جرى، وكذلك نختلف في تقييم الحاضر البائس الذي وصلناه رغم وضوح السُحب التي تراكمت فأمطرتنا سخاماً ودماءً وأشلاء وضياعاً وجنونا.

  •  ما هو شكل الغد الذي نريد!؟ 

هذه أيضا أحجية شائكة تُعضِلنا، هيا بنا وقبل أن نردد برتابة:

  • تصبحون على خير ... ذاهبٌ لأنام لعل الغد أجمل.

فيما أنت تُهيءُ نفسك لتكرار ذات الدوّامة من المواقف والأفكار الزئبقيّة الزلِقة ببلاهةٍ.

يجب أن نعلم أن السياط التي نجلدُ أنفسنا بها أصابها السأمُ من تكرار التُهم الملفّقة والاعترافات المُنتزعة غصباً، والجلود المدبوغة، والعتمة التي نأوي إليها سرّاً. 

  • متى نكفُّ نحن عن دور الضحية –الجلاد؟!. 

 الضحية أرهقها بالأمس القريب الرجاء، وحين لاحت فرصة الخلاص توّجت أمانيها بحمل السياط والمقارضِ المُحمّاة والمفاتيح والأصفاد والحبال، نحن لا نُثير شهوة الخيال ولا نؤجج شبق الحلم لتُمطر غيوم التمنّي وروداً وأرغفة وأوطاناً حرّة. 

نحن نتغافل عن الشيطان المتكئ على أكتافِ أخيلتنا.

  •  يبتسمُ ورأسهُ مائلٌ للخلفِ بدلالٍ مُستفِزّْ ... 

هل فكّرت أن تلتحف الأسف لتدثّرَ تهاويكَ وتتوارى خَجِلاً من مراوغتِكَ الخبيثة للفكرة الساطعة!؟، هكذا أنتَ أشد قسوة من كل الماضي الآفلِ أبداً بفضل هذه الثورة، وأكثر عتمة من أماسي الزنزانة المنفردة، أسوأ من الجلاد حين يقتعد كرسيّ القاضي ويهشّم الضحايا بتهمٍ مكذوبة. 

  • هل ستكون جَلِداً لتحتمل مواجهة الحقيقة مع نفسك؟

  • هل تتقبّل فكرة سحلها في غمار التقّبل والاعتراف!؟

  • هل أهلك وزوجك وأطفالك وأبواك العجوزان هناك تحت ردح الطائرات وصليل البراميل ويعصف بهم الزمهرير في العراء. 

  • هل حاسبت نفسك وأنت ترى المذابح والابتزاز ومتاجرة الجميع بنا، ثم لا تصرخ برأيك علناً وفوراً لأن مكانتك العليّة ونفسك عليك أعزُّ من الضحايا المهملين، ومن وطن ضاع وصار سراباً يرتعش في فيافي الذاكرة.

 تراقب، تقرأ ما يرد من جميع الأطراف المختلفة على لون الدم والليل والشروق، وتنتقي ما يناسب الطرف الأقرب لغرائزك الصغيرة، ثمّ تبدأ بتطعيج المفردات و"تصويج" الجمل، وبخّ المقالات بلونٍ زاهٍ مدروسٌ بعناية فائقة ليثير بهجة ورضا ذي الجيب المنتفخ بالعطايا المريبة.

  • ها أنذا أشعر بتفاهةِ أحلامي الشخصية، يخفتُ نور عينيَّ أسىً وخيبة. 

سيعبر الكثيرون من خلال صفوفنا المتفرّقة ونورّثُ البؤسَ لأطفالنا الذين سيكونون سوريين بلا وطن معلوم.


 

محمد صالح عويد

شاعر وكاتب سوري

 

Whatsapp