التغير حالة تاريخية مستمرة وتكون بأوقات أسرع من أوقات لاعتبارات كثيرة، فتتشكل خارطة سياسية واقتصادية جديدة، تدوم ثم ما تلبث أن تتغير، وهكذا حركة الحياة، ونحن نعيش فترة متسارعة بالتغيير بدأت منذ مطلع هذا العام وتتسارع لتكون أكثر سخونة في مطلع الصيف، مرت في الأيام الأخيرة أحداث كثيرة قد تغير من طبيعة المشهد الدولي العام حيث تتسارع الأحداث في كافة بلدان العالم ما يعني بأن الأيام القادمة ستحمل الكثير من المفاجآت من كورونا والتهديد الصحي إلى التهديد الاقتصادي إلى الحروب، وكذلك التمرد ضد أشكال الظلم
فبداية هذا الصيف الساخن وعندما قامت عناصر من الشرطة الأميركية بقتل شخص من أصول افريقية، تم قتله بدم بارد وقد وثقته الكاميرا، فشهدت بعدها الولايات المتحدة الأميركية كافةً موجةً من الاحتجاجات الواسعة تخللها أعمال شغب ونهب وسرقة.
بعد الاحتجاجات جاء تصريح للرئيس الأميركي دونالد ترامب واصفاً المحتجين بالرعاع وافتعال الشغب وبأنهم مدارين من قبل أشخاص محترفين وطالب القوات الأميركية بإطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين.!!
انتشرت بعد التصريحات والاحتجاجات التي استمرت لأكثر من أسبوع قوات الحرس الوطني في 15 ولاية أميركية أعلن بعدها وزير الدفاع الأميركي رفضه لقرار ترامب. تراجع بعدها الرئيس الأميركي عن القرار موضحاً بأنه ليس من الضروري انتشار الجيش طالما الوضع لم يشهد أعمال عنف إلى الآن.
أثارت هذه التصريحات والأعمال انتقاداً واسعاً من ناشطين وأعضاء في الكونغرس الأميركي وصرح جو بايدن المرشح الديمقراطي للرئاسة الأميركية متسائلاً بأن ترامب يستخدم الجيش الأميركي ضد الأميركيين وبأنه يستخدم الغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين السلميين.
وعبر ناشطون عن أن البلاد لم تشهد بضخامة هذه الاحتجاجات وبأنها ستؤثر سلباً على الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعلى نتائج الانتخابات ما يعزز نسبة خسارته فيها خاصةً بعد تصريحاته الأخيرة. فإذا كانت أميركا بلد الحرية واحترام الحريات والرأي تواجه الاحتجاجات بالعنف بصورة ما فما بال دول الاستبداد من العالم الثالث؟؟
لكن هل سنشهد تغيير في الإدارة الأميركية لترامب بعد الاحتجاجات الشعبية في أميركا ضد العنصرية والتمييز العنصري؟؟ التقارير تفيد بتراجع نصيب ترامب والناس تتخوف من الانزلاق لحرب أهلية.
في المشهد الليبي فقد شهد تطوراً كبيراً خاصةً بعد تقدم قوات حكومة الوفاق الليبية وسيطرتها على كامل مدينة طرابلس واتجاهها نحو مدينة سرت بلدة العسكري حفتر المناهض لحكومة الوفاق. وبعد سلسلة من الخسائر لقوات حفتر أعلنت مصر بقيادة السيسي مبادرة أسمتها مبادرة السلام المصرية الجديدة في ليبيا لتقرير مستقبل البلاد بين الطرفين المتناحرين حكومة السراج المدعومة من تركيا وقطر وقوات حفتر المدعومة من روسيا والإمارات ومصر وتشمل المبادرة وقف لإطلاق النار في جميع أنحاء الأراضي الليبية والارتكاز على نتائج مؤتمر برلين.
صرح بعدها رئيس الحكومة الليبي فايز السراج بأن المعركة مستمرة وبأنهم مستمرون حتى السيطرة على كافة الأراضي الليبية. جاء بعدها تصريح للرئيس التركي رجب طيب اردوغان بأننا سنسمع أخباراً مفرحة في الأيام القادمة من ليبيا وحول العملية السياسية بأنه قد يتم إخراج حفتر من العملية بأي لحظة بسبب الأحداث الأخيرة.
وهذا يشير أننا سنشهد تطوراً في المشهد الليبي وإحلال السلام في هذا البلد الذي عانى الكثير وآن الأوان لأن يجني الشعب الحياة الديمقراطية وإحلال السلام والانتهاء من حكم العسكريين، لكن هل ستكون مبادرة مصر حقيقية لإحلال السلام والاستقرار في ليبيا أم مجرد خطة لإنقاذ حفتر فقط؟؟
في القضية السورية فسورية التي ما زال يعاني شعبها الأمرين، فقد شهدت الأيام الأخيرة تسارع في الأحداث وخطورة كبيرة حيث تدهورت قيمة الليرة السورية أمام الدولار وقد وصل سعر صرف الدولار أكثر من 3500 ليرة سورية ووصل سعر الغرام الواحد من الذهب لأكثر من مائة ألف ليرة سورية ويعتبر هذا الانهيار الاقتصادي الأكبر في تاريخ سورية لم تشهده البلاد من قبل.
عندما استلم الأسد الأب كان الدولار الواحد يساوي 3.75 ليرة سورية واليوم يساوي 3700 ليرة.!! كل هذه الضغوطات وتدني مستوى المعيشة جعل محافظة السويداء تخرج بمظاهرات تندد بالتدخل الإيراني وسوء الأحوال في سورية وإسقاط النظام ورفع المتظاهرون شعارات نادت بالحرية والتحية لكل من إدلب والساروت رمز الثورة السورية. كل هذه التغييرات ولم يبدأ قانون قيصر بعد، فهل بعد تطبيق القانون والتضييق على النظام سنشهد عودة المظاهرات السلمية إلى الساحة السورية من جديد؟ وهل سيكون صيفًا ساخنًا على النظام السوري خاصةً بعد عرض واشنطن الأخير للأسد وتصريحات الاعلامي الاسرائيلي إيدي كوهين بأن روسيا انقلبت على بشار الأسد لرفضه التنازل عن الحكم.
كل هذه الضغوط الداخلية والخارجية هل ستدفع الأسد في نهاية الأمر إلى التنحي والتخلي عن السلطة أم ستنهار حاضنته والجوع كافر.
كل هذه الأحداث والتطورات في مختلف دول العالم بدءً من أميركا وصولاً إلى سورية
نشهدها بعد فايروس كورونا، علمًا أن التضخيم الإعلامي حول المرض تغير، فشهدنا في الاحتجاجات الأميركية وخروج الآلاف بدون حماية أو وقاية خاصةً بعد انتشار صورة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما مع آلاف المحتجين بدون كمامات ما أثار استغراب الجميع وتسائل رواد مواقع التواصل الاجتماعي هل الاحتجاجات الأميركية مصطنعة للتغطية على فايروس كورونا وإشغال العالم بها لنسيان الفايروس أم سنشهد أعدادًا كبيرة للمصابين والأموات بسبب انتشار الفايروس بين صفوف المحتجين وخاصةً أن أميركيا البلد الأول من حيث عدد الإصابات والأموات خاصةً بعد عودة الحياة إلى طبيعتها في مختلف دول العالم ومنها فرنسا وإيطاليا وتركيا وبالرغم من تصاريح منظمة الصحة الأميركية بأن الفايروس الآن أكثر خطورةً من قبل لكن اليوم لا أحد يبالي ويتسارع الفايروس في روسيا بشكل كبير يصل إلى يومياً إلى 8 آلاف إصابة وسطياً.
هذه وغيره الكثير من الأحداث تنبئ بصيف ساخن ومستقبل مختلف سيشهد تغيراً لن يكن طفيفاً ونأمل للشعوب المضطهدة و المكلومة والمظلومة أن تجد ضالتها في ظل هذه التغيرات شريطة أن تحسن العمل واقتناص الفرص لتحقيق ذلك، في المسألة السورية.
آلاء العابد
كاتبة سورية