أميركا والكعكة الدسمة


 

تم إصدار البيان المشترك من قبل سفراء بريطانيا وألمانيا وفرنسا وبلجيكا وإستونيا وبولندا في مجلس الأمن الدولي منذ أيام، طالبوا خلاله بمحاسبة أركان النظام السوري المتورطين في استخدام الأسلحة الكيميائية، وقد رحب البيان بنتائج التقرير الذي أصدرته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حيث أكد التقرير مسؤولية النظام عن استخدام هذا النوع من السلاح ضد المدنيين في عام 2017، معرباً عن الإدانة الشديدة لهذه الجريمة.

يُذكر أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أصدرت في الثامن من شهر نيسان/ إبريل الماضي تقريراً حمّلت خلاله وللمرة الأولى النظام السوري مسؤولية تنفيذ 3 هجمات كيميائية ضد مدينة “اللطامنة” شمال حماة في آذار/ مارس 2017.

لا شك أن الإدارة الأميركية وطيلة فترتها الرئاسية الحالية كانت وما زالت تتخبط وتتناقض في مواقفها وتصريحاتها، ونذكر أنه في شباط/فبراير الماضي وبعد الاعتداءات الوحشية الجنونية لروسيا والنظام على ريفي حلب وإدلب، وفي تصريح له أكد "جيفري" على دعم أنقرة، وعلى أن "الجنود الأتراك لهم الحق في الدفاع عن أنفسهم في إدلب"، وعبر عن دعم بلاده للوجود التركي في شمال سورية.

على النقيض من تصريحه فقد عبّر مستشار الأمن القومي الأميركي "روبرت أوبراين" حينها عن موقف مغاير أثناء ظهوره في ندوة استضافها المجلس الأطلسي في العاصمة واشنطن.

ورداً على سؤال عن إمكانية تدخل إدارة ترامب لوقف العدوان على إدلب ووقف الهجمات على قوات دولة حليف بالناتو هي تركيا، رد "أوبراين" بالقول وبالحرف "نحن لنا تناول آخر يختلف عن الإدارات السابقة، ماذا علينا أن نفعل وسط هذه الهجمات على إدلب؟ هل نهبط عليهم من السماء ونطالبهم بوقف القتال؟".!!

أما اليوم فإن الموقف الأميركي الرافض لسياسة نظام دمشق عاد من جديد ليتصدر وسائل الإعلام، لكن بأسلوب ديناميكي مراوغ، وإن أخطر ما في المسألة السورية هو ربط كل ما جرى من كوارث بشخص "بشار أسد" فقط، نعم لا تستغربوا، فالولايات المتحدة الأميركية تحاول تسويق هذا الأمر تحديداً من خلال رسالتها الأخيرة إلى موسكو والتي تضمنت عرضا ً واضحاً للتخلي عن إصرارها بالتشبث بشخص "بشار أسد" مقابل حافزين: 

الأول: تأمين مخرج سياسي للروس وعدم محاسبتهم عما ارتكبوا من فظائع بحق السوريين 

والثاني: إشراك روسيا في مشروع إعادة إعمار سورية وعدم حرمانها من حصتها في هذه الكعكة الدسمة.

فالهدف الذي يسعون إليه هو عدم تغيير النظام القائم كمنظومة متكاملة، بل استبدال بعض الرؤوس التي تحولت إلى رؤوس لأسماك فاسدة وبات من الضروري التخلص من رائحتها المزعجة. 

فهل سيتم اختزال المحرقة السورية برأس النظام والإبقاء على ذات المنظومة بعد تطعيمها وترقيعها بشخصيات جديدة لم تُحرق بعد.؟ 

أم أن انهيار الرأس سيؤدي إلى تفكيك المنظومة وانهيارها، وسيفتح الباب أمام الشعب السوري للبدء بصفحة جديدة خالية من "حكم الفرد" ومن سطوة القبضة الأمنية التي قادت الوطن إلى غياهب التخلف والمحسوبيات والتبعية العمياء.؟

وهل ستنتقل سورية إلى مرحلة الدولة الصحيحة السليمة التي تحترم مواطنيها وتقف على مسافة واحدة من الجميع، وتمنح الفرص الحقيقية لأصحاب الكفاءات لينطلقوا بوطنهم إلى مصاف الدول التي تخشى على أبنائها بدل أن تخشى منهم.؟ قادم الأيام سيجيب على جميع هذه الأسئلة المشروعة، كما أتصور.

 

 

محمد علي صابوني

كاتب سوري


 

Whatsapp