هكذا تهدم الأعشاش


على سطح بيت جارنا خالد عش للطيور 

مسوّر بجرعة طمع وجرعة جشع 

موؤودة فيه الأمنيات.. 

محسوبة فيه الأنفاس.. 

لديه فيه عشر حمامات 

يأخذهن كل يوم للسيرك 

يقدمن عروضاً في الرقص على جراحهن  

ويطعمهن كل يوم قطعة خبز وجبن 

وحساء ببهارات الذل..

حتى جاء يوم فاض بهن الكيل.. 

تشاورت الحمامات فيما بينهن 

إلى متى يقبعن تحت ظل هذا القهر...؟ 

صاحبهن ظالم وعليهن أن يفعلن شيئاً.. 

قالت البيضاء منهن: سمعت أن دجاج الحظيرة المجاورة 

قد أخذ حصصاً إضافية من الحبوب وأصبحت عطلته تقاس بالشهور.. 

وأكملت الشقراء: وقطط البيت المجاور 

قد بنى لهن صاحبهن بيتاً جديداً..  

فماذا نحن فاعلون...؟

قالت الرمادية فيهن وكانت حادة النظر: علينا أن نثور ليطلق سراحنا أو 

فليتوقف عن أخذنا إلى السيرك.. 

وفي وسط الحديث دخل الصاحب خالد.. 

في يده سوط وعلى لسانه كلام عاطر.. 

فزعت الحمامات 

صرخن: الباب مفتوح فلنغادر 

كشر الصاحب عن ضحكته 

إلى أين إلى أين...؟ 

ستغادرن ولكن حيث أشاء أنا.. 

هوى عليهن بالسوط.. 

تطاير الريش.. 

وعلا وتناثر صراخ الدم.. 

فلم يتراجعن ولم يدخل قلبهن خوف.. 

توعدهن بالويل والثبور وعظائم الأمور.. 

وبعد حين عاد الصاحب الخالد وبرفقته: 

صقر صديقه.. 

وثعلب جاره البعيد.. 

وكلب أخيه.. 

نصبهم جميعاً حراساً لذلك العش البائس.. 

وبعد أن أفرغوه من الأحلام والأماني وبعض فضة

كانت مخبأة لسود الليالي.. 

باتوا..  

يمنعون الصاحب من دخول العش.. 

يفرضون الأتاوات على الطيور.. 

يقبضون أثمان رقص حمامات 

باعت أطواقها والخلاخيل.. 

وأضحت مكسورة الروح والجناح..  

وأما العش فصار 

عراء من دون صاحب ومن دون سور..

 

 

جنان الحسن

كاتبة وشاعرة سورية

Whatsapp