الشمس أضاءت ما كانت
تتناقلُه مُقَلُ العتمةْ
وبدا إخلاصُك -عبدَاللهِ -كما النسمةْ
قد مرَّ شفيفاً وسريعاً
كحدودِ السيفِ على الغيمةْ
ومضى كالضيفِ يحدّثنا
عن حرِّ الصيفِ وعن طقسٍ
يتوشّح مسكوناً برؤاه
آهٍ من عبد الله
قد كان يلملم عن دمنا
آهاتٍ من وجعٍ مضنٍ
ويوزّع أحلاماً قصوى
ويشكِّل نجم القطبِ عيوناً للفقراءْ
يتفقّد كلّ ذويه ولا ينسَى الغرباءْ
ويخبّئ تحت عباءتهِ الفرحَ المنسيَّ
ويهدينا، بالوهم، عزاءْ
ونديّاً كانَ يسائل عنّا كلَّ مساءْ
عبداللهِ نقيّاً كانَ وعالي الهمّةْ
كالنّسر يحلّق للقمّةْ
لا تُرهبُهُ الأنواءُ ولا يخشى
أن تغزوه المحنهْ
وهوت نجمةْ
فتغيَّب عبد الله
* * *
الشمس أضاءت في الظلمةْ
ما أخفيناهْ
لم يرحل عبد الله إلى بلدٍ أخرى
لم يطلبه مَلَك الموتْ
كي ننفض منه أيادينا
وبحرقة أشواقٍ نبكيه
لكنْ -وليرحمه الله -تغيّر شيءٌ في سيماه
أمست ضحكته لا تشبهُهُ
ما عاد يلملمُ آهاتٍ
أو يزرعُ أحلاماً أخرى
وتوارى يبحثُ عن سببٍ
كي يغنَم منّا
ويبادلنا: حبّاً بحراب
* * *
عبد الله الآن ترجَّل
لم يخجل
واستيقظ فيه صوتُ الوغدْ
الشمس أضاءت ما نجهلْ
لم يرحلْ عبداللهِ ولم يُقتَلْ
أخفاهُ الذئبُ الكامنُ فيهِ
لقتلِ أخيه
والظلم امتدّْ
فبدا أسراباً من حمأٍ
تتخفّى في ثوب الكلمةْ
تتسرّب فينا كالطاعون ولا ترتدّْ
وتكشّف عبد الله لنا
أمريكيّاً
* * *
الشمس أضاءت ما يمتدّْ
فهوت نجمةْ
وتغيَّب عبد الله بها
من غير وداع
فليرحمه وليرحمنا الله
كي نبقى نبحث عنّا
قد نلقانا وفينا
بعضٌ من بعضٍ منّا
لم يتدنَّس بعد.
د. محمد جمال طحان