قلوب في مهب الريح


الحياة لا تخلو من المعاناة والصعوبات التي ترافقنا على مر الزمن، عندما تكون الكوارث عالمية أو خارجية وتشمل الجميع لا نشعر بالألم الداخلي فهو عام للجميع مما يقلل من معاناتنا، أما إذا كانت المعاناة فردية فهذا أشد فتكاً لأرواحنا، الكل يحمل قشرة خارجية يحكم من خلالها علينا، لكن أعماقنا لا يعلم بها أحد إلا أنفسنا، إن أزيلت هذه القشرة سنصبح مثل الزجاج الشفاف للملأ وهذا القلب الدفين سينكشف أمام الجميع إن كان محباً خيراً أو شريراً، ولا داعي حينها لسماعات الطبيب ولا للتصوير المحوري، ولا حاجة لتسأل أحداً إن كان يحبك أو يكرهك. 

لكن بالمقابل هناك عيون ترى وقلب يحكم، أي إنسان طبيعي يستطيع أن يعرف محبيه من عدمهم فكيف من كان يملك هذا القلب!!!! إن ملكت قلب أحدهم لا تضغط عليه بقوة، ولا تستغل هذه الطيبة فكله من أجلك، العمر واحد ولا يوجد عمر آخر لنصحح أخطائنا ونندم على ما فاتنا، كلنا يملك ذكريات متناقضة لنحاول أن نسترجع الجميل منها لنكمل بسلام ما تبقى لنا من العمر، لنصنع السعادة بأنفسنا ونكمل مشوارنا بعيون جديدة بعد كل ما مررنا به من محن، هذه المرحلة التي مازلنا فيها لا يحتملها إلا من كان يحمل قلبا فولاذياً أو أن من حوله يملك قلباً حقيقياً، لا تظنوا أن من ملك قلباً حقيقياً هو جبان!، فالخوف من الذين يملكون قلوباَ فولاذية! القلب الذي لا يخاف لا فضل له في الشجاعة، القلب الذي لا يحزن لا فضل له بالصبر، والقلب الذي لا يعرف قيمة المال لا فضل له بالكرم، والقلب الذي لا يحب لا يستحق الحياة، نحن في هذه المرحلة وهذه المحن نعتبر أنفسنا في لحظات الوداع لهذه الدنيا، لنقل ما نريده دون تردد أو حياء، لنطلق العنان لقلوبنا علها تستمر يوماً آخر، لنرحم هذا القلب الذي حمل أطناناً من الآهات، هذا القلب الذي تحمل كل القهر والجهل والأطباع، تحمل أقسى أنواع المفردات وسكت عن كل المنغصات آن له أن يفتحه قليلاً وينفض عنه غبار سنوات، ساعدوا قلوبكم واسمحوا لها بالتعبير عن نفسها فهي من خلق الله ولا سيطرة لكم عليها وإلا لما كانت قلوباً!، هي الجزء الأصدق في تكوين الإنسان، رفقاً بقلوبكم وقلوبنا فهي رقيقة ومصنوعة من لحم ودماء، ومما يميزها عن باقي الأعضاء تلك الدقات التي لا تعرف الرياء، ولا سيطرة لنا عليها حتى بأحلك الأوقات، وحده قادر على فضحك أمام الأحبة والأعداء، لا تفقدوا قلوبكم، من غيرها أنتم أموات، التقطوا هذه الأنفاس وخزنوها قد تجدونها في أقسى الأوقات، ولو أن الأمر ليس بأيديكم عندما يسحق القلب تفضحه العيون، إلا الليل صديقنا الوفي، تختنق فيه صدورنا وتختلج وتتشابه ملامحنا نضحك ونبكي دون خوف من أن يرى دموعنا أحد أو يسمع تللك الدقات.

لا تستحق القلوب الطيبة أن تغرس فيها كل تلك السهام! الكتابة عن القلب ليست سهلة فمداد الحبر من شرايينه والنقاط من هذه الدقات، مهلاً عليه لا تجرحوه فهو لا ينزف إلا من أقرب وأحب الناس مهلاً عليه وحذار، فجرح القلب لا يندمل.

 

 

إلهام حقي

رئيسة قسم المرأة

Whatsapp