مع قيصر السوري وتداعياته الأميركية الاتفاق الكردي ـــــ الكردي تفتيت هوية واغتيال وطن


    منذ بداية المحنة السورية، ينادي أغلبية الشعب السوري بالوطنية السورية وإعادة تأسيس الوطن على عقد اجتماعي جديد يستند إلى الوطنية السورية والعيش المشترك وأن سورية وطن لجميع أبنائها بمختلف مذاهبهم وقومياتهم واختلاف انتماءاتهم الدينية والعرقية. وأن سورية الموحدة بحدودها والمستقلة بخروج جميع الاحتلالات، والآمنة من خلال نظام وطني ديمقراطي يلبي حاجات شعبها. يخرج علينا الاتفاق الكردي ــــــ الكردي، الصادر عن اجتماع المجلس الكردي الذي يضم الاحزاب الكردية المنضوية ضمن " الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة" مع حزب الاتحاد الوطني الكردي وتنظيم قسد برئاسة الإرهابي مظلوم عبدي الكردي التركي الوافد إلى سورية، والمرتبط بالمخابرات الأميركية والعالمية والذي ينفذ أجندتها. هذا الذي لم يستطع التحصيل على شهادة تعليمية، أصبح جنرالًا وقائدًا عسكريًا لهذا الكيان الإرهابي.

    تمتد المنطقة التي يسيطر عليها تنظيم قسد من الرقة شمالًا إلى محافظة الحسكة وأقسام واسعة من محافظة دير الزور. ينص الاتفاق على أن الأكراد سيتصرفون ب 80 بالمائة من هذه المساحة، وسيتركون لباقي المكونات من عرب وسريان وآشوريين وغيرهم 20 بالمائة من تلك المساحة، بينما لا يشكل الكرد أكثر من 30 بالمائة من سكان المنطقة، فهل حان موعد التقسيم وتفتيت الهوية؟

    منذ احتجاجات الأكراد عام 2004، رفعت بعض الأحزاب الكردية علمًا سمته علم كردستان الغربية، أي كردستان السورية، بدعم وتحريض من الكيان الكردي شمالي العراق بزعامة مسعود برزاني الانفصالي العراقي والمتحالف مع إسرائيل وأميركا، الذي يحاول فصل شمال العراق نهائيًا عن العراق، وقد جرى في هذا السياق اجتماع موسع بين أكراد سورية وأكراد العراق حضره ما يسمى بقائد قسد ولفيف من قادتها وقادة أحزاب كردية سورية، كان الهدف منه البدء في إجراءات تنفيذية تكرس إقامة كيان كردي سوري استعدادًا لتكريس انفصاله عن البلد الأم. طبعًا لا ننسى هنا الدور الأميركي والفرنسي خصوصًا، بتكريس هذا الاحتلال والانفصال، تماشيًا مع المخطط الأميركي الإسرائيلي الموضوع للمنطقة لتقسيمها الى كيانات تكون أصغر وأضعف من الكيان الإسرائيلي، هذا ما بشر به شيمون بيريز رئيس وزراء اسرائيل في كتابه شرق أوسط جديد، والذي (برأيه) يقوم على العبقرية الإسرائيلية والمال واليد العاملة العربية، وهو ترجمة لنظرية بن غوريون أحد مؤسسي الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية. الذي قال: إن بقاء دولتنا يعتمد على تقسيم الدول العدوة المحيطة بنا إلى كيانات متناحرة اعتمادًا على طوائف وأثنيات متنازعة.

    رحم الله المفكر العروبي الياس مرقص عندما رد على رواية لعبد الله الأحمد القيادي البعثي السوري عنوانها "عندما يتوهج الحلم " الذي توهج حلمه فيها ليرى الأمة العربية وقد حققت وحدتها من المحيط إلى الخليج وأزالت كل التعديات على الأرض العربية بما فيها إسرائيل طبعًا على يد البعث صاحب (الرسالة الخالدة)، فيرد المرحوم مرقص بقوله "بالعكس أنا أرى نتيجة لما يحصل أمامنا أن الدول العربية ستصبح مجموعة من المشيخات التي يحكمها أسر وشيوخ مقابل كيان هو الأقوى وهذا الكيان هو إسرائيل.

    وتمهيدًا لهذا الكيان المصطنع تقوم قسد تحت بصر ودعم ما يسمى قوى "التحالف الدولي " المحتل الحقيقي لشمال وشرق سورية بالتغيير الديموغرافي وبتشريد أهالي المنطقة والاستيلاء على أملاكهم وبذلك يكون هذا التحالف الاستعماري المتلطي وراء قسد، يمارس نفس ممارسات النظام الحاكم في دمشق وهو الوجه الآخر لهذا النظام.

    لن يكتب لهذا الاتفاق الجديد النجاح، فسورية ستبقى موحدة وستكون دولة الحرية والديمقراطية لكل مكوناتها، وإذا كانت اليوم تعاني من نظام فاسد متسلط جلب الاحتلالات لبلده ودمرها وهجر أهلها بالمشاركة معهم، فإن سورية ستنهض وتتخلص من الاحتلالات والتدخلات بهمة شعبها الصابر المكافح، وعلى الأكراد الوطنيين والشرفاء أن يقتنعوا بأنهم جزء من النسيج السوري، وأن حل مشاكلهم وقضاياهم يمر عبر حل المشكلة السورية، وأن الحرية والديمقراطية ضمن الوحدة الوطنية وحدها هي الكفيلة بإخراج الاحتلالات ومن ضمنها جماعة جبل قنديل الإرهابية، التي تعمل على أجندات استعمارية، هؤلاء هم أعداء الوطن وليس من يُعتمد عليهم لإنقاذه.

 

 

محمد عمر كرداس

كاتب سوري

 

Whatsapp