عام مضى على رحيلنا من تركيا، والحنين مازال متقداً، عام على الفراق ما أطوله.
في شباط 2010 جئنا ضمن وفد أدبي إلى مدينة أورفا التركية للمشاركة في مؤتمر التقارب السوري التركي (الأدب التركي بعيون عربية) ، وقمنا بنهاية اللقاء بتوجيه الدعوة للأدباء والكتاب الأتراك لحضور مؤتمر (الأدب العربي بعيون تركية) في نيسان في مدينتي الرقة.
وفي نهاية عام 2013 لجأت إلى تركيا، وقضيت فيها ست من السنوات تنقلت خلالها في عدد من المدن التركية وتعرفت على عدد كبير من المسؤولين والأخوة الأتراك، واستقر بي الأمر في مدينتي المحببة (غازي عنتاب).
عام 2015 عرفني السيد (جمال مصطفى) رئيس منبر الشام على المفكر التركي (تورغاي ألديمير) رئيس مجلس إدارة بلبل زادة ومنظمة منبر الأناضول، وخلال لقاءات عديدة تم مناقشة أهمية الاستمرار في العمل على التقارب السوري التركي وتفعيله، وقدمت خلالها فكرة تأسيس مجلة ثقافية أدبية فكرية تعنى بالشأن السوري التركي وتصدر بثلاث لغات (التركية والعربية والكردية)، وقدم الأستاذ تورغاي دعمه اللازم لإصدارها وكلفني برئاسة تحريرها وصدر العدد الأول من صحيفة إشراق في 1/12/2015
خلال عملي في صحيفة إشراق والذي لا يزال مستمراً رغم انتقالي للسكن في فرنسا، نجحت في جمع العشرات من الأدباء والكتاب المبدعين العرب والسوريين والأتراك عبر صفحاتها، وكان لإشراق حضورها الواسع لدى المتابعين، ركزت فيها على العلاقات الأخوية بين السوريين والأتراك، وعملنا على تخفيف الكراهية والاحتقان بين الشعبين الشقيقين وزيادة التآخي والمودة والرحمة، وأكدنا أن ما يجمع بين الشعبين الجارين من أخوة ومحبة هو أكثر بكثير مما يفرق بينهما.
لا زلت حزيناًعلى اضطراري إلى مغادرة وطني الثاني تركيا ومفارقة أسرتي الكبيرة المحبة في (بلبل زادة)، حزين شبيه بحزني عند مغادرتي لسوريا لأنني كنت أعتقد أن غربتي عن وطني سيكون قصيراً، وطال إلى حد ما عدنا نعلم هل نستطيع يوماً العودة إلى وطننا أم أننا سنموت في غربتنا دون أن نحتفل بسقوط السفاح بشار وتحرر سوريا؟
أما حزني على رحيلي عن تركيا فهو يصغر ليقيني بأنني سأتردد دائماً إليها، وسيكون لأسرة بلبل زادة ولكتاب إشراق مكتباً دائماً لهم في فرنسا.
أحمل روح إشراق الممتلئة بالحب معي وأعمل على إيصالها ونشرها في الدول الأوربية، وتعريف العالم بروح الأخوة والصداقة بين الشعبين التركي والسوري.
الإجراءات الرسمية والقانونية أعمل على استكمالها لإطلاق صحيفة إشراق من تركيا في فرنسا ومنها إلى كل الدول الأوربية والعمل على تحقيق حلمي بأن تصبح صحيفة عالمية.
عام مضى على الفراق ولا زلت أتنفس تركيا حباً، أشتاق لمدنها وشوارعها وأزقتها وأهلها الطيبين، وسنبقى أوفياء لأهلنا الأتراك ما بقينا أحياء، وسنورث هذا الحب والوفاء لأجيالنا القادمة.
ستبقى إشراق الجسر الذي سيمتن العلاقات الأخوية، وستظل المنبر الحر الذي يجمع عبر صفحاته كل المبدعين الأحرار عرباً وكرداً وسوريين وأتراك.
ولن أنسى مطلقاً ما قاله المفكر (تورغاي ألدمير) خلال وداعه لي:
(لا حدود للقلوب ولا مسافات بين العواطف،نحن نخدم نفس الأهداف وطريقنا واحد، وأنا أثق أن ضميرك سيقودك إلى القيام بأعمال جيدة في كل مكان، نحن سعداء لأننا التقينا وعملنا معاً، والأماكن لا تتحكم بطبيعة العلاقة التي تجمعنا، أينما سافرت فستبقى أخاً وصديقاً لنا ونحن على ثقة من أنك ستمثل جريدتنا بأفضل الطرق في أوروبا) .
صبحي دسوقي
رئيس التحرير