الشرعية والفاعلية أساس في قيادة الصراع لتحقيق النجاح والوصول للأهداف التي انطلقت منذ انفجار الثورة السورية قبل عشرة سنوات، وهي أساس في حركات التحرر التاريخية إلى يومنا هذا، وبقيت الشرعية لهذا الحراك السوري إلى اليوم.بينما يتراوح الحراك بين الانفصال التام عن الفاعلية أو الاقتراب منها، ولم يتحول لجهة واحدة متحدة وهذا الأمر بقي سبب الضعف الداخلي لليوم لقيادة الثورة والمعارضة عموماً ولن نتحدث عن الأسباب الخارجية فالبنية الداخلية هي الأساس في التفاعل مع العوامل الخارجية سلباً أو إيجاباً.
حتى تتحقق الفاعلية فلابد أن المنظومة نفسها أي القيادة الحقيقية السياسية والعسكرية التي لها إطار شرعي واعتراف دولي أن تكون ذاتها ذات فاعلية فتكون هذه المؤسسة وهذا العنوان الذي اكتسب الشرعية الدولية وقبلها الشعبية أن يكون هو الفاعل الحقيقي المباشر، وهذا يحتاج الوجود في دائرة الصراع وفي الجغرافية نفسها التي يحصل عليها التنازع، ولابدّ من الإدارة الجيدة والفاعلة لهذه الصراع من رَحِمه وفي عمقه ومركزه، فتعيش الحدث يوماً بيوم وتدير المفاعيل والقوى بكل أشكالها، وهذا يردم الهوة بين الشرعية والفاعلية فتتحد ليكون الأثر أكبر والناتج أعظم، والاحترام الداخلي والخارجي سيكون أكبر وأعظم على كل المستويات، ونكون مضرب مثل حقيقي بنضال جاد من قلب الحدث وإدارة متميزة وعدالة وحرية حقيقية ماثلة في الواقع وتفعيل الديمقراطية في إدارة الجغرافيا المحررة.
القيادة بأبسط تعريف لها علمياً هي القدرة على تحريك الناس نحو الهدف.فكيف سيكون تحريك الناس المستمر والفاعل من أجلهم ولمستقبلهم مالم نكن بينهم نتلمس آلامهم وآمالهم ونوجه أفكارهم وطاقتهم التوجيه الصحيح والفعّال لنجنبهم الأخطاء والكوارث إلا أن نكون بين ظهرانيهم.
كل حركات التحرر في التاريخ تُدار من رحم الجغرافيا ويكون اللجوء حالة طارئة لتعاود الكرة وتحقق التحرير والتمركز الجديد وإعادة التموضع الجديدة لمزيد من المكتسبات وهذا يحقق أكبر فاعلية.
أعتقد أن هناك أصوات تفكر بطريقة بسيطة وهو شطب المكتسبات الشرعية لقوى الثورة والمعارضة وهذا عمل ضار، ولكن المفيد هو الدفع بتفعيل المؤسسات الشرعية لتمارس الدور الحقيقي والمطلوب بين الشعب والناس.
ومصطلح القيادة في العربية من قاد يقود وتقول العرب قاد الناقة أي سار أمامها آخذاً بناصيتها، فهذه القيادة الحقيقية والفاعلة التي تؤتي ثمارها وأُكلها.
وأعتقد أن السنين التي مرّت كافية لنخطو خطىً جادة ومتقدمة وفاعلة ولنحقق نتائج مختلفة، والناظر اليوم إلى هذا الإصرار العظيم والكبير وحجم هذه التضحيات، يجد أنها تستحق خطوة جادة كي نرتقي بها ونضحي من أجلها ونتفاعل معها بشكل مباشر وحقيقي لاستمرار المعارك بكل أشكالها السياسية والحقوقية والمدنية والعسكرية، ومعارك للتوعية والتنمية والتغلب على العقبات والتحديات لتوفير الحد الأدنى من الإدارة الجيدة والأمان الذي ينعكس على هذا الشعب المضحي والذي صبر ومايزاليصابر ليتحرر من الاستبداد والاستعمار ولينال حريته وكرامته والتاريخ سوف يسجل بحروف لا تُنسى من الذي سيخطو تلك الخطوات ويحقق تلك النتائج لهؤلاء الصابرين المهجرين الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق.
د- زكريا ملاحفجي
كاتب وباحث سوري