مقتطفات من سيرتها والقمر


                                                    

ككلِّ طفلٍ/ طفلةٍ

كانت تحبُّ القمرْ

في ليلة النصفِ مدوَّراً كحلْمٍ صغيرْ

وكان يأتي ناشراً أجنحة الدفءِ

ويمضي 

في بهاءٍ مثيرْ

(أمّاه ما أجمله..

كم أتمنَّى أن أصيرْ

فراشة بيضاء في بستانه

كم أتمنى 

أن أذوب مثلما السّكَّر في ألوانه

أماه..

أمااااااا....)

وأوت لحضن أمها

ككلِّ طفلة/ طفلٍ يحبُّ القمرْ

**

ومرَّ يومٌ

ثمَّ يومٌ آخرٌ وحطَّ فوق ليلها

قيلَ رسولٌ من بلاد القمرْ

(صغيرتي

لم تخرجي منذ شهورْ

والبدر يأتي، ثمَّ يأتي

ثمَّ... لكنْ 

لا عيوناً ترسم الشوق على موعده المستديرْ)

ومرّ يومٌ آخرٌ

ومرَّ شهرٌ

كانت الريحُ تمزِّق الخيامْ

وكانت الطفلةُ (بعد موت أمّها) دامعة العينين

كانت لا تنامْ

ككلِّ طفلٍ/ طفلةٍ

كانت (تصرُّ) نفسها في زاوية القهرِ

وتستمرُّ تلك العاصفةْ

رعناء تجتاح الأماني الخائفةْ

قالت لمن قيلَ لها (كان رسولاً من بلاد القمرْ):

يا سيِّدي أعتذرْ

فكيف، كيفْ

أرنو إلى البدر اللطيفْ

إن كان في طلعتِهِ

يُعيدُ لي ذكرى الرغيفْ

***

ككلِّ طفلٍ/ طفلةٍ في بلدي

كانتْ تئنُّ تحت أنقاض الصورْ

البردُ.. الجوعُ..

أسرابٌ من الأحذية السود..

حطامٌ وعويلٌ 

ورحى الموتِ تدورُ

تطحنُ الأحلامَ والشوقَ المسجّى 

تحت أنقاض المطرْ

(عفواً..

أنا لستُ وراء النافِذَةْ

مات انتظاري يا صديقي

فعدْ إلى خيبتك الأولى

تفسخّتْ حكايات شروقي..

مات انتظاري وأنا 

متُّ

فلا مؤاخذَةْ)

ككلِّ طفلٍ/ طفلةٍ في بلدي

نامتْ، وجفَّت في مداها كل أسرار السفرْ

نامتْ

ككلّ طفلة/ طفلٍ

وضاع 

ضاع في دروب حزنه (القمرْ)

*

 

عبد القادر حمود

شاعر وكاتب سوري


 

Whatsapp