لماذا يبدِّلون متى أرادوا
سُكناهم
ونبقى حبيسي وهمَ الخلودِ
بحسرة
أوَنحنُ خطأٌ مطبعيٌ في معمعةِ الوجودِ
وزلّةٌ
تتكلّسُ أجسادنا، كحلزونٍ بصدفةٍ هشّة
نزحفُ بعبء السنينِ
نحرس ذكرياتنا الغبيّة
والحلم يدوسها، فتنكسرُ
غضّة!؟
*
لماذا لا ندافع عن حقَنا بالحلمِ
نهجسُ بهِ كلّ ليلة
ونُعيد الكرّة
نطلب دائماً دورَ البطولةِ
لا نؤدي دوراً ثانوياً مرّة
قلماً ودفتراً رثّاً لصبيٍ وصبيّة
أو ناياً لراعٍ مجهول الهويّة
أو عصا لمآربِ الشرودِ
لتأديبِ هفوة
زوادةَ محاربٍ في خندق الردى
لم لا نكون شوكةً تنتخي مُنتصبة
أمامَ أقدامِ الغُزاةِ
أو حجراً عنيداً، وعثرة
لماذا لا نكونَ نافذةً مُشرعةً لغدٍ
وبذارَ رَغدٍ وحنطة
ومحراثاً
لا ضيرَ:
ثوراً يحرثُ حقله
أن أكون شذى زهرة، في يدِ طفلة
عبقاً يتصاعد من كوبِ قهوة؟
كي لا يصير الحلم بنفوسِنا، حسرة
كي لا تذوي بعيوننا النظرة
كي لا تستبيح البلادةُ رؤانا
كي لا يرابطَ الوهن على تخومِ عزائمنا
يجزُّ شاردات المُنى بنصله
كي لا يُصبحَ الحلم حذاءً
ونحنُ:
شوكةً بالدروب
أو مُجرّدَ بَعرة
*
نركضُ في فتنةِ الوجود
لاهثين ككلابِ قافلة
تائهين بلا حادٍ
بلا أزمِنة
بحيادٍ غبيٍ
كبوةً إثر كبوة
نسبق بأقدامنا الريح
وعقولنا مُدثّرةً بِأغبرةِ الماضي العجوزِ
لنا فيهِ سُبات، ومضرّة
كان يجب أن نفهمَ من الجثّةِ الأولى
زرعوها على أعتابنا لغماً، وغصّة
بها بدأت وليمةَ الشيطانِ
بها نبوءاتِ الزعّمِ الأجوفِ المُرّة
توقّف أيُها الكاهنُ الأرعنُ
فَظِلّكَ أعلى من شجرةِ الغرقدِ
تحجبها بِعمامةِ غُمّة!
تدلُّ عليكَ، تصرخُ بنا:
فوقي، خلفي عدوٌ منكم
ظهرت لنا على حين غرّة
هزيمتنا بكم ثوبٌ، وسادة محشوّة بأشواكٍ
ولم تفهموا
لم تسكبوا على محنةِ الوطنِ صبره
فبكلُّ لحظةٍ من موتنا لكم رزقٌ
ما كتبته السماءَ لخؤونٍ لها، للإنسانِ بكذبة
تتهافتونَ من جبل أشلاءنا، ضِباعاً
لقطفِ مواسم الدم
ثمرة
خناجر فتاواكم تنحرُ فينا ألفَ حلمٍ
تذبحُ أقمارنا
تندحرُ أمامها
المجرّة
*
في المقبرةِ إذ نتهامسُ
يتداول الرفاق:
كل لحظة طينٍ قضيناها أسياداً
ثم عدنا للطينِ بنفوسٍ
حرّة
وأنتم بها عبيداً لمغنمٍ
لعدوٍ
تهرولون لأحضانهم
ولم تُقبِلوا صوبنا مرّة
أمسينا أيتامَ التاريخِ ويهودَ التيهِ،
أسرابَ نملٍ
بلا إخوة
تتناهبنا المنافي بكل بحرٍ غادرٍ
وبكلِ صقيعٍ ناءٍ:
لنا مقبرة ..
محمد صالح عويد
شاعر وكاتب سوري