رياض حجاب ودوره في مستقبل سورية 


 السوريون يتطلعون إلى كل حراك يجري هنا أو هناك ومع أياً كان من أجل سورية، لأنهم وهم يقتربون من نهاية السنة العاشرة لثورتهم اقتنعوا بشيء واحد هو عدم وجود حل ولا نهاية لمأساتهم إلا بتوافق دولي بين الدول المتواجدة على الأرض وصاحبة الثقل وعلى رأس تلك الدول أميركا التي تضع يدها على كامل مساحة شرق الفرات التي تشكل ثلث مساحة سورية وفيها أغلب الثروات كما تشكل عصب الاقتصاد السوري ومن يضع يده على ثرواتها المعدنية والزراعية يضع يده على العصب الرئيسي للاقتصاد السوري، مع أن لروسيا دوراً وكذلك لتركيا وإيران، إلا أن المحرك الرئيسي والممسك بكل هذه الأوراق هو الولايات المتحدة، لذلك كانت اللقاءات التي أجراها رياض حجاب رئيس الوزراء السوري الأسبق في واشنطن مع المسؤولين الأميركيين ولقاءاته التلفزيونية قبلها التي طالب فيها بإعادة هيكلة المعارضة محط اهتمام السوريين وغيرهم من اللاعبين على الأرض السورية لما لهذا الرجل من خبرة سياسية ولأنه أدار الهيئة العليا للمفاوضات بحنكة وصلابة لم يتمتع بها من خلفه في هذا المكان كما أن أغلب السوريين من المعارضين وربما حتى بعض الموالين وكثيرون من الذين يقفون في الوسط ينظرون إلى أن هذا الشخص قد يكون من أقدر الناس على إدارة المرحلة انتقالية لماذا هذه النظرة إلى حجاب ؟ وما الذي يمكن أن يقدمه؟ وبماذا يختلف عن باقي متصدري المشهد المعارض؟ وهل يستطيع أن يقدم شيئاً للسوريين؟ لقد استطاع حجاب أن يصنع لنفسه قاعدة شعبية من بين جميع رجالات المعارضة وذلك لعدة أسباب: 1-كونه صاحب أرفع منصب سابق بين المنشقين 2-تمتعه بشخصية قوية وحنكة سياسية 3-امتلاكه للخبرة الإدارية 4-عدم دخوله في المهاترات بين المعارضين. كل هذه الأسباب جعلته يتفوق على الجميع كما أن تمتعه بالصفة الدبلوماسية نتيجة لكونه رئيس وزراء سابق يجعله محط أنظار الدول ووسائل الإعلام وكذلك فإن طروحاته كانت تصب في المصلحة الوطنية على العكس ممن تصدروا المشهد السوري الذين يحاولون بناء مجد شخصي ويبحثون عن الفوائد والمصالح الضيقة نتيجة لهذه النظرة وبعد لقائه مع المسؤولين الأميركيين فإن السوريين يتطلعون إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه حجاب في مستقبل سورية رغم عدم وضوح الرؤية وعدم معرفة أحد بماجرى وراء الكواليس، إلا أنه وبالربط مع تصريحاته التي سبقت اللقاءات فإن المستقبل قد يحمل أشياء جديدة على مستوى المعارضة التي وصلت إلى حدود غير مسبوقة من الترهل والتآكل وقد أصبحت تمارس الأبدية في المناصب التي تعلمها متصدروها في مدارس النظام على مستوى عضوية الائتلاف أو انتقلت إليها عدوى الروس في تبادل المراكز بين بوتين وميدفيديف وهذا ما شهدناه مؤخراً في تبادل الرئاسات بين الحريري والعبدة وكما يقول المثل (علي خوجة-خوجة علي) وكأن سورية لم يبق فيها إلا هؤلاء الأشخاص كل هذا الذي جرى ويجري في أوساط المعارضة جعل أسهم حجاب وبعض المعارضين الآخرين ترتفع بين السوريين ولعل ما يجعل رئيس الوزراء الأسبق يحتل مركز الصدارة بين الجميع هو قناعة السوريين بأنه قد وصل إلى أقصى ما يتمناه في المناصب وربما إدارة المرحلة الانتقالية التي لاتخول من يقودها الترشح بعدها، هي آخر ما يريده الناس لهذا الرجل كي ترسو باخرة الثورة السورية بر الأمان، قد لا تخدم التوافقات الدولية رياض حجاب وقد لاتخدم الشعب السوري لأن الرجل يستطيع أن يقدم استقالته دون تردد وبصمت كما فعل عندما استقال من رئاسة هيئة التفاوض عندما رأى مالم يقتنع به وكذلك يستطيع اتخاذ المواقف وأن يعترض على ما ليس في مصلحة السوريين فهو صاحب شعار النأي بالنفس للمعارضة السورية عن الاصطفافات الدولية فنحن يجب أن نكون على مسافة واحدة من الجميع وأن نتعاون مع الجميع من أجل خلاص بلادنا وشعبنا لا أن نتبنى خطاب هذه الدولة أوتلك لأن الدول تبحث عن مصالحها و مصلحتنا مع الجميع. لعل حجاب هو الرجل القادر على تقديم ما يتمناه السوريون للخلاص من النظام وقد يستطيع أن يقدم رؤية لإعادة هيكلة المعارضة لتكون على مستوى قيادة الثورة السورية التي أثبتت للعالم أنها لن تموت وأن الثوار يتقدمون على متصدري المشهد بالكثير من الأشياء ليس أقلها أنهم أكثر حباً من هؤلاء للوطن لأنهم متشبثون بأرضهم في الوقت الذي هرب متصدرو المعارضة بأبنائهم إلى الدول الأوربية حيث يدرسون بأرقى المدارس ويحملون الجنسيات، ويأخذون مرتبات لجوء سياسي أو إنساني في حين أن كثير من الثوار مايزالون يعيشون في المخيمات لايقيهم من البرد والحر سوى قطع القماش التي تحجبهم عن الناس قد لايستطيع حجاب فعل شيء لكن مجرد جلوس الأميركان معه أو مع غيره هو تحريك للمياه الراكدة التي إن طال ركودها ستتحول إلى مياه آسنة عندها لايمكن إلا هدرها واستبدالها لذلك التحريك الدائم يجعلها تحافظ على بعض جودتها فهل يستطيع السوريون أن يقنعوا العالم بالاعتراف بوجودهم وامتلاكهم قيادات قادرة على إدارة الدولة للتخلص من النظام؟ هذا ما نعتقده بوجود أشخاص من أمثال هؤلاء المنشقين في المعارضة السورية والذين يتمتعون بقدرات إدارية لم يتم استثمارها وتم استبعادها وإبقاؤها جانباً من قبل المبتدئين بالسياسة والإدارة فهل آن الأوان لاستثمارها من قبل المجتمع الدولي لإعادة الأمن إلى سورية وبناء مستقبل جديد لأبنائها ولكي تشارك العالم في تقدمه؟ هذا ما يجب أن يكون ولعل هذه الاجتماعات تباشير خير لربيع قادم.

 

 

صفا عبد التركي

كاتبة سورية

Whatsapp