أربكت تحركات العاصمة التركية أنقرة- في ليبيا وشرق البحر المتوسط -وما مثله الموقف التركي على الصعيد الدولي عددا من العواصم.
وبينما كان الرأي العام الأمريكي منشغلاً بفكرة (ترامب) حول (إمكانية) تأجيل الانتخابات الأمريكية؛ كانت وسائل الإعلام الأوروبية قد خرجت –تماماً- عن السيطرة ، وذلك بعد أن أعادت تركيا (أيا صوفيا) إلى مسجد.
فمن نحو ، بدأ هؤلاء ينتقلون إلى مربع الاتهام من مثل :"التوسع العثماني العدواني الجديد )، بعد أن كانوا يردِّدون - منذ وقت طويل- "ألن تكون هناك إجابة للسلطان أردغان ؟"
ومن نحو آخر، فهم يرون أن الرئيس (أردوغان) قد مكّن لبلاده، وعزز قوتها - من خلال سد الفجوة الناشئة عن انسحاب الولايات الأمريكية المتحدة من المناطق المحيطة بنا.
لقد أدرك السياسيون الأوروبيون أن الشي الذي لم يستطيعوا فعله قد فعله القائد التركي المحنك ( أردوغان) من خلال نقله تركيا إلى نظام له دور تمثيلي جديد.
وفي الوقت الذي تقوم – فيه- الولايات المتحدة الامريكية بإعادة تعريف دورها العالمي ؛ تواجه أوروبا مشكلة (أساسية) تتمثل في" نقص قادتها المؤثرين"؛ فهناك خيبة أمل في أداء (ماكرون). وليس من الواضح - في ألمانيا - من سيملأ الفراغ الذي ستتركه (ميركل) بعد مغادرتها السياسة.
في مثل هذا الواقع وجد كل من (بوتن)- في روسيا- و(أردوغان)- في تركيا- أنهما أكثر تأثيرا على السياسة الأوروبية؛ مما اضطر الأوروبيين للاعتراف- وذلك بسبب مصالح الاتحاد الأوروبي المشتركة مع تركيا- بضرورة التعامل مع تركيا- رغم عدم رغبتهم في ذلك.
أما (فرنسا) و(اليونان)؛ فهما يريان ضرورة قيام الاتحاد الأوروبي باتخاذ إجراءات عقابية تجاه تركية، وذلك تلبية لمصالحهما القومية الضيقة .
في الواقع ،إنَّ الشَّيء الذي يجدون صعوبة في التكيف معه هو تعريف (انقرة) الجديد للتمثيل ، وقدرتها –أيضاً- على اتخاذ قرارات حاسمة، وخطوات استباقية في كل من سوريا، والعراق ،وليبيا ،وشرق المتوسط، وفشلهم الذريع في احتوائها (أو كبح جماحها)- عبر محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو عام 2016- ؛ مما جعلهم غير قادرين على فرض قواعد لعبتهم القديمة على (أنقرا).