صُدم العالم العربي بخبر أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب أذهل الجميع، وهو أن الإمارات العربية وإسرائيل توصلتا إلى اتفاق بإقامة علاقات رسمية بين البلدين، وقال ترامب خلال مؤتمرِ صحفي بأن الاتفاق سيتم تسميته بــ(الاتفاقالإبراهيمي) إشارةً إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام ووصف الاتفاق أيضاً بالتاريخي وقال ترامب في بيان مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد إنهم يأملون في أن يؤدي هذا الاختراق التاريخي إلى دفع عملية السلام في الشرق الأوسط.
وبالأصلفهذا ملف كوشنر اليهودي وهو صهر الرئيس الأميركي الذي يسعى لتطبيق صفقة القرن كما يسمونها والتي ابتدأت باعتراف الولايات المتحدة القدس عاصمة لإسرائيل.
ويعتبر هذا اليوم بالنسبة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي خصوصاً وإسرائيل عموماً يومًا تاريخيًا بالنسبة لهم لكن في المقابل كان هزيمة أخرى تضاف إلى سجل الهزائم ووصمة عار بالنسبة إلى الحكومات العربية المطبِّعة مع إسرائيل وكأننا غفرنا لإسرائيل كل ما فعلته بالفلسطينيين العرب المسلمين.
يعتبر هذا الاتفاق ثالث اتفاق لإقامة علاقات مع دولة إسرائيل بين الدول العربية منذ تأسيسها عام 1948 إذ كانت البداية مع مصر عندما وقعت أول اتفاقية سلام عام 1979 وتلتها الأردن عام 1994 و شهد العالم في 13 أغسطس/آب من العام الحالي توقيع معاهدة جديدة مع دولة الإمارات وبذلك تعتبر الامارات العربية الدولة الخليجية الأولى والثالثة عربياً والتاسعة إسلامياً والدولة رقم 158 من أصل 192 أقامت علاقات رسمية مع الكيان الصهيوني.
يأتي هذا الاتفاق في سياق هزيمة عربية جديدة على كافة الأصعدة أبرزها وأد الامارات ثورات الربيع العربي وتحطيم آمال الشعوب التي ثارت على حكامها فالإمارات مهدت الطريق بعد وأد الثورات إلى تطبيع العلاقات مع اسرائيل وهي تعلم بأن كل دولة منشغلة بحروبها ومشاكلها.
وتهدف الاتفاقية المعلنة بين الامارات واسرائيل إلى توقيع اتفاقيات ثنائية بين البلدين تتعلق بشتى المجالات منها الاستثمار والسياحة والأمن والاتصالات والرعاية الصحية والثقافة والتربية والتعليم والتكنولوجيا والطاقة والمياه والحماية البيئية وكيفية إنشاء سفارات متبادلة، واتفق كل من البلدين على تطوير لقاح ضد فايروس كورونا وسيلتقي في الأسابيع المقبلة وفدان من الدولتين لتوقيع هذه الاتفاقيات.
أعلن الجانبان تدشين الاتصالات الهاتفية المباشرة بينهما وقالت وزارة الاتصالات الإسرائيلية إن مزودي خدمات الاتصالات في الإمارات رفعوا حظر الاتصالات الواردة من أرقام تحمل رمز الهاتف الدولي لإسرائيل ونقلت وكالة رويترز أن موظفيها أجروا اتصالات هاتفية من الإمارات إلى إسرائيل وأنه أصبح من الممكن زيارة المواقع الإخبارية الإسرائيليةالتي كانت محظورة أيضًا في الإمارات وقال وزير الاتصالات الإسرائيلي أهنئ دولة الإمارات العربية المتحدة على رفع الحظر وأضاف ستتاح العديد من الفرص الاقتصادية الآن وخطوات بناء الثقة هذه مهمة للنهوض بمصالح الدولتين.
فيما أعلن الاتفاق الاماراتي –الاسرائيلي أيضاً تعليق إسرائيل خطتها لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة وهذا ما اعتبره الجانب الاماراتي بالإنجاز.!
بعد توقيع اتفاقية التطبيع ضجت مواقع التواصل الاجتماعي والصحف العربية والغربية بهذا الخبر فمنهم من رفض واستنكر الاتفاقية ومنهم من رحب بها واعتبرها بداية طريق لإيجاد حل للقضية الفلسطينية وإحلال السلام في المنطقة، وأي سلام قائم مع دولة قامت على القتل والتهجير والتدمير والاستيلاء.وجاء تصريح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بعد التطبيع بأن بلاده تدرس فكرة تعليق العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات العربية المتحدة وسحب السفير التركي احتجاجاً على التطبيع وشدد بأن تركيا تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقوقه واحتجت الجزائر أيضاً وأكدت الكويت على موقفها الرافض للتطبيع.
بينما كانت سلطنة عُمان من أوائل المرحبين بالاتفاقية واعتبرتها خطوة تاريخية مهمة خاصة في هذا الوقت من أجل تحقيق السلام وتلتها البحرين ورحبت بالاتفاق بينما السعودية اختارت الصمت ولم تعلق على الاتفاق واعتبر ناشطون بأن الإمارات مهدت الطريق لبعض الدول من أجل توقيع اتفاقيات مع إسرائيل وتوقع نشطاء وكتاب من العالم العربي بأن تكون البحرين والمغرب والسودان الدول التي ستلحق بالإمارات في تطبيع العلاقات.
وبقيت جامعة الدول العربية صامتة من الاتفاق فلم تجرؤ لا على عقد اجتماع ولا حتى على التنديد بالقرار وكأن فلسطين ليست دولة عربية محتلة واستذكر البعض دور الجامعة العربية وموقفها عندما أعلنت تركيا دخولها الأراضي السورية لحماية أمنها وحدوها من التنظيمات الإرهابية،وقيل إنها الجامعة العربية التي تتحرك ضد تركيا فقط.وأخيراً هل يؤدي تطبيع الإمارات العربية المتحدة مع إسرائيل إلى بداية تصفية القضية الفلسطينية؟؟وهل يعتبر التطبيع خيانة أم رسالة سلام فعلاً؟؟وهل مهدت الإمارات بالفعل لبقية الدول من أجل تطبيع العلاقات مع إسرائيل؟؟هل سيأتي اليوم الذي تعتبر اسرائيل جميع دول الوطن العربي دولًا صديقة، وليست محتلة كما هي الآن عند البعض؟؟
هذه الاتفاقات هل ستهدف إلى اتفاق سلام فعلي أم مجرد واجهة ممكن أن تنقذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب في انتخاباته المقبلة وتخليص رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو من مأزقه أمام شعبه خاصةً بعد فضائح الفساد التي طالته في الآونة الأخيرة؟؟
وعلى الرغم من الاختلال الكبير في موازيين القوى لمصلحة إسرائيل والهزيمة التي طالت معظم شعوب المنطقة خاصةً بعد ضرب أحلامهم بالعيش في حرية وديمقراطية وبالرغم من معاناة معظم شعوب المنطقة لكن تبقى وستبقى فلسطين قضية العرب الأولى ولا يمكن تجاهلها أو انهاءها لأنها قضية حق وقضية شعب موجود متمسك في حقوقه، شعب دفع ثمناً باهظاً ومازال متمسكًابقضيته.
إنه اتفاق جديد لكن هذا الاتفاق عاجز عن تغيير جوهر القضية في إنهاء أحلام الشعب العربي والفلسطيني في العودة والعيش بوطنه،فالحق حق، والباطل باطل، ولا مجال للمساومة في حق الشعب الفلسطيني ودولته المستقلة ولسوف تبقى فلسطين عربية شاء من شاء وأبى من أبى.
آلاء العابد
كاتبة سورية