وجيز في سيرة الحيّة


 

كلُّ الحقّ على الجدّ أيّوب

كأنّما أربكه الفزع تلك المرّة

فخاب مضربُ الفأس عن رأس الحيّة

فاختفى بين أكوام الحطب

تاركاً منها تسعةَ أشبار وذنَباً أبرص

وصار يحسب كلّ شيء

إلّا أن يأتيه ويلدغ أنفه غدراً

 في قيلولته المعتادة تحت شجرة التّفاح

ليدفن مجدوعاً بعدها بساعات

 

هي لم تكن كغيرها من الحيّات

فهذه تطلع للواحد من حيث يحبّ

طلعت لأمّي من سرير أخي الرّضيع

فظلّت شهوراً تخاف من حبل المهاد

وطلعت لأخي نفسه من قنّ الدجاج

ولا يزال يرى في البيضة عين أفعى تزاوره أينما استدار

ولابنة الجيران من الجبّ في دلو الماء

ولدغتها في حافّة الرقبة 

فازرقّ نهداها قبل أن تموت 

عانساً في الأربعين

ولي من وراء مجلّدات "سيرة ذات الهمّة"

 في رفّ المكتبة السفليّ

لأصير أكتب من يومها باليسرى 

بعد أن تحوّلت سبّابة اليمنى وإبهامها

بانكماش الفزعان، إلى جطلْ

 

ولأبي من طيّات مصلّاته القشّ 

ليهرّ من حينها شعر رموشه

 قبل أن يعمى خمس سنين قبل السّجن

لم يصغِ أحدٌ للخال

فقصّوا شجرة التّفّاح

وصاروا يشاهدون في منتصف الّليل

تفّاحاً أزرق يدرج في الدروب

لم يصغ أحدٌ للخال

أغلقوا كلّ الجحور برائب الكلس 

فصار يخرج كلّ مساء من مدفن ذنب الأفعى 

نملٌ بحجم الجدي

 

لم يصغِ أحدٌ للخال

فتحوا للثعالب أبواب الدجاج

فصاروا يشاهدون زحف ثعابين في التراب 

تطول يوماً بعد يوم 

وتنتهي كلّ دروبها 

أمام باب مستودع السّماد

لم يصغِ أحدٌ للخال

ردموا بحجارة الصيرة الجبَّ

فصارت ترى العذارى فقط 

جنيّاتٍ عرايا سوى من ثياب حيّات مربوطة على الخصر 

يرقصن حول البئر المهجورة 

وهنّ يتراشقن الماء الباخر

 

لم يصغ أحدٌ للخال

فما نفَعهم

أن يأتي زمّار غريب ويستدرج رأسها طرباً

فكان كلّما ملأ فمه بالهواء 

تسرّب قبل أن ينفخ 

من أسفله

لم يصغ أحدٌ للخال

فاصطياد أفعى بخابية من عسل

 سوف يحوّل الحاكورة إلى عشّ دبابير

 

لم يسمعْ أحدٌ صراخ الخال:

"لا تحرقوا الدّار، 

لا تحرقوها 

ففي الحالتين أنتم لن تسكنوها".

 

 

سلام حلّوم

شاعر سوري

 

Whatsapp