قصة نجاح سوري في فرنسا 1


 

قامت الثورة السورية في شهر آذار 2011 رداً على دكتاتورية النظام وحكم التوريث الأسدي، وطالبت بالحرية والكرامة والعدل والمساواة.

مارس النظام الأسدي كل وسائل الاجرام بحق شعب طالب بأبسط حقوقه، فقتل أكثر من مليون مدني ودمر جميع المدن والبلدات التي ثارت على نظامه، وشرد أكثر من عشرة ملايين بين نازح ولاجئ توزعوا في أرجاء الكرة الأرضية، بعضهم لجأ إلى البلدان العربية التي سمحت لهم بدخولها وكذلك إلى تركيا والدول الأوربية.

في كل مكان لجأ السوريون إليه رفضوا أن يكونوا عالة على الدول التي استقبلتهم فبرعوا بالتجارة والمهن والحرف اليدوية وفتحوا المتاجر والمطاعم وأضافوا الكثير من عاداتهم وطعامهم وسلوكهم إلى البلدان التي لجأوا إليها.

 الخبرات والكفاءات والطاقات البشرية والعلماء والعباقرة الذين هربوا من نظام قاتل عمل على تحجيمهم ودفن إبداعاتهم، وفي بلدان اللجوء أظهروا أروع ما لديهم فتفوقوا في دراستهم وتميزوا في سرعة اندماجهم وقدرتهم على التعليم واكتساب لغة البلد المضيف، النتائج التي تعلن عن تفوق السوريون وتميزهم تدفع الدول للتمسك بهم وتكريمهم، وإتاحة الفرص أمامهم للمزيد من النجاح والتألق.

صحيفة إشراق السباقة في وقوفها مع الثورة السورية وأهدافها النبيلة، ستكتب عن نماذج من قصص نجاح السوريين في تركيا ومصر والأردن وفرنسا وبقية الدول الأوربية.

قصة نجاح (محمد الداغستاني) في فرنسا

أعلن محمد عن نجاحه وحصوله على ماجستير في الصيدلة أبحاث سريرية/ من جامعة ليون 1، ملخصاً أهدافه في الحياة التي كافح ونجح من أجلها.

ومنذ وصولنا إلى مدينة ليون بفرنسا التقينا به في وقفة ضد النظام الأسدي المجرم، وكان مندفعاً ومتحمساً لإنجاح الوقفة، وخلال لقاءاتنا المتكررة معه تعمقت معرفتنا به ووجدنا فيه النموذج المثالي للشاب السوري النقي المجد الذي يمثل السوريين، وهو وجه متألق للثورة السورية ثورة الحرية والكرامة.

محمد الداغستاني (27 سنة) كان طالب هندسة مدنية في جامعة دمشق بسنة 2011، ومع بداية المظاهرات ضدّ النظام السوري، شارك بإحدى الاعتصامات بجامعة دمشق، كان الاعتصام عبارة عن احتجاج على عنف أجهزة الأمن، لكن خلال الاعتصام، تعرض محمد ورفاقه للضرب، ووقتها اضطر للذهاب والبقاء في بيته خوفاً من الاعتقال، وثم الانتقال إلى الغوطة لمساعدة الثوار وأهلها والوقوف معهم ضد النظام، إلى أن تمّ فصله من كلية الهندسة المدنية.

في عام 2013 استطاعت عائلته أن تخرجه من سوريا باتجاه الأردن، ودخل بكلية الصيدلة وتخرج منها في عام 2018 بدرجة ممتاز.

 خلال دراسته، كان محمد يشتغل لتأمين مصاريف الدارسة التي كانت كبيرة، فاشتغل ببيع الملابس، وبعدها اتجه لإعطاء دروس خصوصية للطلاب، طلاب صيدلة، وبعض طلاب الكليات الطبية من طب بشري وطب أسنان، ولطلاب الابتدائي والاعدادي، وعمل كمساعد باحث مع باحثة ألمانية، وبقسم الأرشفة بمنظمة هولندية، لتأمين أقساط الجامعة وتخرج بال ٢٠١٨ بمعدل امتياز من جامعة فيلادلفيا بالأردن.

لأن الحياة في الأردن ليست سهلة، وكانت عبارة عن تحدّي، ومحمد قبل هذا التحدي وتغلب على الظروف الصعبة والغربة وعالم اللجوء فيها ونجح، ونجح بشكل جيد ومميز.

بسنة 2018، وصلت عائلته إلى فرنسا، فبدأ فوراً بدراسة اللغة الفرنسية في جامعة ليون 2 وبعد شهور قليلة من الوصول لبلد اللجوء استطاع وبفترة قياسية نيل مستوى متقدم، والحصول على ماجستير تخصص أبحاث سريرية في جامعة ليون 1، وهي الجامعة الأولى في فرنسا في التخصصات الطبية.

الماستر يتطلب دراسة ستة أشهر نظري وستة أشهر عملي، وبعد نهاية الماستر، استطاع الحصول على عقد عمل مع الشركة التي تدرب فيها، واسمها (Kayentis) في مدينة غرو نوبل.

قصة نجاح محمد في فرنسا فيها أكثر من إشارة وفكرة: عنف النظام السوري ضدّ المتظاهرين دفع محمد لترك دراسته والفرع الذي كان مسجلا فيه، وعنف النظام السوري دفع سوريا لتخسر طلاباً يمتلكون قدرات كبيرة وعظيمة وفي مجالات متنوعة، قدرات استفادت منها فرنسا وغيرها من الدول العربية ودول أوربا.

يقول: (بدأت دراستي الجامعية من 2011، ودرست بأربع جامعات مختلفة

جامعة دمشق - جامعة فيلادلفيا الأردن تخرجت صيدلة - جامعة ليون 2 دبلوم لغة فرنسية - جامعة ليون 1 ماستر بحوث سريرية، ولدي طموح بالحصول 

على ماستر ثاني السنة القادمة). 

حصل على عقد عمل دائم بشركة فرنسية بمنصب مساعد رئيس مشروع بالأبحاث سريرية وبدأ بخطوة جديدة بالحياة.

وقال: (فخور بحصولي على عقد عمل دائم مع الشركة التي استضافتني خلال فترة التدريب وفترة دراستي للماجستير، وسعيد جداً بالانضمام الى فريق إدارة الابحاث السريرية).

لماذا أنت في فرنسا؟

لأني لا أريد أن أكون مجرد رقم في نظام الديكتاتور الأسدي، آلاف الصور تلاحقني لشهداء يقتلون في السجون الأسدية لأنهم فقط طالبوا بالعيش الكريم والحياة الطبيعية الحرة بدون سيطرة الدكتاتور الأسد وحكومته الفاسدة، لن يستطيع أحد أن يشعر بما يحدث معهم قبل الموت، ودرجة الألم في السجون السورية.

الدم السوري صار رخيصاً جداً، والجهل يوماً بعد يوم يكبر ويعمي عيون الناس، يمكنهم تدمير مدننا، ولكن لا يمكنهم محو ذكرياتنا، لن ننسى أبداً، لن نسامح أبداً.

أخيراً:

مبروك نجاحك يا محمد، مبروك لك ولأمثالك، وكل الأمنيات لك ولكل السوريين الأحرار بالاستمرار والتفوق دوماً. 

 

Whatsapp