تمر الذكرى الخامسة على التدخل الروسي في سورية مع نهاية شهر سبتمبر / أيلول 2020. روسيا التي ارتكبت عدداً كبيراً من المجازر وخلفت عدداً أكبر من الضحايا والدمار الهائل في عموم الأراضي السورية مع تشريد العدد الأكبر من سكانها وتغيير البنية الديمغرافية للبلاد.
كانت روسيا قد أعلنت في عام 2015 عن تدخلها العسكري في سورية ضمن ما وصفته تدخلاً لمحاربة الإرهاب وداعش. فبعد خروج سيطرة نظام الأسد عن غالبية الأراضي السورية وفشل إيران في التصدي لقوات المعارضة السورية، استنجد بشار الأسد بروسيا لحماية نظامه من السقوط. هذا ما صرح عنه بعض المسؤولين الروس والإيرانيين، أنه لولا تدخلهم لسقط بشار الأسد خلال أيام. ساعد التدخل الروسي في تغيير المعادلة السورية لصالح النظام السوري في إعادة السيطرة على أجزاء واسعة من البلاد بعد ما كان قد خسرها، منها حلب ودرعا وحمص.
سوريا حقل تجارب:
ضخت روسيا عبر تدخلها في سورية آلاف الجنود وعدداً كبيراً من طائراتها وعدداً لا يحصى من ذخائرها، واعتبرت الساحة السورية ساحة تدريب واختبار لأسلحتها. هذا ما صرح به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن الطلب على السلاح الروسي ازداد بعد العمليات في سورية وبأن هذه العمليات زادت من مبيعاته وأعطت الدعاية المجانية له وأثرت إيجابياً على مبيعات الأسلحة الروسية مع اكتساب الخبرة العملية للجنود الروس على أرض الواقع.
الاستيلاء على القرار السوري في البلاد:
بعد سيطرة النظام السوري على ثلثي البلاد من خلال العمليات الجوية الروسية وقعت موسكو مع دمشق أولى اتفاقيتها عام 2015 بتأسيس قاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية على البحر الأبيض المتوسط. استأجرت بعدها روسيا مرفأ طرطوس عبر اتفاقية تمتد إلى 49 عاماً للنقل والاستخدام العسكري والاقتصادي. أحكمت روسيا بعدها السيطرة على زمام الأمور في سورية وخاصةً في المجال العسكري والسياسي، حيث أطلقت مؤتمر سوتشي للحوار الوطني السوري ولعبت دور الوسيط بين النظام السوري والمعارضة السورية لإيجاد حل للقضية السورية. ولا تزال إلى اليوم تدعم حسب رؤيتها اللجنة الدستورية للبلاد من أجل وضع دستور جديد يضمن للسوريين حقوقهم، كما تدعي.
وقعت روسيا خلال هذا العام (متجاهلةً النظام السوري) اتفاقية مع الجانب التركي تقضي بوقف إطلاق النار في مناطق ماتعرف بخفض التصعيد مع تسيير دوريات مشتركة في محافظة إدلب، وهذا ما جعل القصف الروسي يتوقف نسبيًا.
اتهمت مجموعات تابعة لمنظمة حقوق الإنسان روسيا بإرتكابها جرائم حرب في سورية من خلال قصف المدارس والمستشفيات وحصار بعض المناطق السورية لإجبار سكانها على التهجير وبعد تدخل ما يقارب الخمسة أعوام بلغت حصيلة الخسائر البشرية مايزيد عن عشرين ألف شخص بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان مع تهجير الجزء الأكبر من الشعب السوري خارج سورية.
أخيراً هل نجحت روسيا بعد 5 سنوات من التدخل في إنقاذ نظام بشار الأسد من السقوط؟ وإن فعلت ذلك فهل ستستطيع إعادة تعويمه مجدداً إلى العالم بعدما أصبح منبوذاً عالمياً من الجميع؟
ربما كان التدخل الروسي عاملاً مهماً في إبقاء بشار الأسد إلى اليوم في السلطة بعد ما قضى على آمال السوريين في العيش بحرية وكرامة أو كاد، لكن إلى متى ستبقى روسيا تدافع عن نظام متهالك نظام قتل من شعبه وما زال يقتل إلى يومنا هذا.
هل ستبقى روسيا منبوذة من الجميع بسبب نظام الأسد؟ أم أنها ستفكر جدياً في التخلي عنه بعد فشلها في إعادة تعويمه وإعادة إعمار سورية خاصةً بعد موضوع رامي مخلوف والفساد الذي خلفه والتصريحات الأخيرة لمسؤولين روس في جدية التخلي عن بشار الأسد. والأهم هو نيل روسيا جميع مقدرات وخيرات سورية فلم تبقي شخصاً مثل بشار إلى الآن؟
ربما الأيام القادمة ستحمل المزيد من المفاجآت للشعب السوري الذي مازال يعاني إلى يومنا هذا ونتمنى بأن تلبي طموحاته في العيش بحرية وكرامة.
آلاء العابد
كاتبة سورية