اللاجئون والنازحون والعودة المستحيلة


تعمل روسيا بتأييد من النظام على عقد مؤتمر للاجئين السوريين في دمشق، غايته عودة اللاجئين السوريين من دول اللجوء مترافقًا مع إعادة الإعمار، وقامت بدعوة دول الغرب والشرق المستهدفة بدفع الأموال لإعادة الإعمار ولم تقرر أي دولة بعد المشاركة أو عدمها، وحسب تحضيرات النظام سيعقد المؤتمر في 12 تشرين ثاني /نوفمبر. وتقول روسيا على لسان مسؤوليها أن المؤتمر تم الاتفاق عليه مع الدول الضامنة، يهدف إلى عودة اللاجئين وإعادة الإعمار في سورية بعد استقرار الأوضاع وانتهاء الحروب ضد" داعش وغيرها من المنظمات الإرهابية ".

أما الهدف الأساسي من المؤتمر، فهو إعادة تأهيل النظام وتجاوز قرارات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي التي أقرها في القرار الأممي رقم 2254 الذي يضع جدولًا زمنيًا بترتيب الأولويات بدأً من عملية انتقال سياسي يقبلها الشعب السوري والإفراج عن المعتقلين والمخطوفين ومحاسبة من أجرم بحق الشعب.. الخ.

    فشلت روسيا إلى الآن بفرض حل سياسي أو الوصول بالاتفاق مع الأطراف الفاعلة على الأرض السورية على هذا الحل الذي محوره الأساسي إبقاء النظام مع روتوش تجميلي لن يقبل به أحد، وإصراره على بقاء النظام هو لسببين الأول التغطية على الجرائم التي ارتكبها ثنائي روسيا والنظام منذ بداية الثورة، والحفاظ على الامتيازات التي وهبها النظام لروسيا من قواعد بحرية وارضية وموانئ واستثمارات كبيرة.

    يشكل اللاجئون السوريون أكثر من ثمانية بالمائة من اللاجئين في العالم مع أن تعداد الشعب السوري لا يشكل أكثر من نصف بالمائة من سكان العالم، وتتوزع الكتلة الرئيسية من اللاجئين في تركيا والاردن ولبنان بعدد 5،556 مليون، منهم 3،567 مليون في تركيا و915 ألف في لبنان و655 الف في الأردن، وهذا العدد هو للذين تسجلهم الأمم المتحدة، وهناك الكثير ليسوا بقيود المنظمات الدولية.

    أما العدد الكلي للنازحين في الداخل واللاجئين في الخارج فهو يزيد عن 13 مليون سوري أي أن أكثر من نصف الشعب غادروا منازلهم ومدنهم وقراهم، ومع شح المساعدات الدولية وأزمة وباء كورونا وتعرض الكثير من اللاجئين والنازحين للعوز  والعنف ضدهم، يرغب الغالبية منهم بالعودة لمدنهم وقراهم وبيوتهم حتى المدمرة، إلا أن لهذه العودة شروطها التي ستكون مستحيلة بدونها، فليس هناك ثقة لا بروسيا ولا بالنظام، والدليل المصالحات التي تمت على يد الروس وينتهكها النظام يوميًا بالقتل والاغتيال والاعتقال والخطف، كما أن روسيا وهي تدعو لعودة اللاجئين تقوم بزيادة عددهم يوميًا من خلال قصفها لمناطق خفض التصعيد التي أقامتها على الأراضي السورية، وإلى الآن جميع المعتقلين والذين أعدموا ميدانيًا لا أحد يعرف عنهم شيئًا وهم بمئات الألوف، فكيف سيثق الناس ويقبلون بالعودة دون تحقيق شروط هذه العودة، إنها العودة المستحيلة ولا نتصور أن أي من دول العالم ستقبل المشاركة بهذه المسرحية، فمند أيام اجتمعت اللجنة المصغرة التي تضم أميركا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا ومصر والأردن والسعودية وأكدت على أن الحل السياسي للمسألة السورية كما جاء في القرارات الأممية والتي تبدأ بعملية انتقال  سياسية والافراج عن المعتقلين والمخطوفين وضمان أمن العائدين ليس على الطريقة الروسية طبعاً.

    ستبوء محاولات روسيا والنظام بالفشل في هذا المؤتمر، ورغم المعاناة المؤلمة لكل لاجئ ونازح، فلن يقبل بالعودة إلى بلده يكون مصيره فيه مجهولًا، فقد تحملت الناس مآسي النزوح واللجوء التي نشاهدها كل يوم لأنها لن تعود إلى مصير مجهول حيث الاعتقال والتصفية وحيث الفساد والنهب والقوانين الجائرة، وحيث ضنك العيش وانعدام الخدمات، فالعودة يجب أن تقترن بالأمن وبإعادة الإعمار، بإقامة نظام وطني ديمقراطي تكون فيه سورية لجميع أبنائها بلا تمييز أو اضطهاد لأحد، وتكون دولة القانون للجميع وفوق الجميع.

 

 

محمد عمر كرداس

كاتب سوري

Whatsapp