سُلبت سورة الحضارة منذ خمسين عاماً لتتحول إلى حظيرة الأسد عندما قام حافظ الأسد بانقلاب عسكري أو ما يعرف بالحركة التصحيحية المجيدة لسورية كي لا يستعملوا كلمة انقلاب عسكري. انتخب بعدها حافظ الأسد رئيساً للجمهورية العربية السورية ضمن انتخابات عرفت بالنزاهة والشفافية علماً بأنه لم يكن يوجد مرشح سوى حافظ الأسد.!!
بهذا يكون الأسد أول رئيس لسورية من الطائفة العلوية وهي إحدى الأقليات التي كانت لا تتجاوز 7 % من سكان سورية وتم بعدها تكريس الطائفة في الجيش والأمن والمناصب السياسية الرئيسية.
ففي عام 1967 عندما كان يشغل حافظ الأسد منصب وزير الدفاع وقبل توليه الحكم أعلن سقوط الجولان قبل سيطرة الجيش الاسرائيلي عليها، ويُقال إنه مقابل مالي أو مقابل إعانته وتوليه الحكم في سورية.
بعد استلامه الحكم أسس حافظ الأسد عدداً من الأجهزة الاستخباراتية (الأمن السياسي والأمن العسكري والمخابرات الجوية وأمن الدولة) مما أوجد نظاماً أمنياً وبعثياً قوياً متوحشاً معتمداً على القبضة الأمنية آنذاك.
تقرب حافظ الأسد أثناء فترة حكمه وبنى علاقات وطيدة وتحالفات خارجية مع الاتحاد السوفيتي والصين وكوريا الشمالية التي ضمنت له مساندة هذه البلاد في حال تعرضه لأي مواجهة داخلية أو خارجية.
اندلعت انتفاضة أثناء حكم حافظ الأسد قادتها جماعة الإخوان المسلمون ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من المدنيين ودمرت مدينة حماة وتم سحق مدينة حلب وجسر الشغور وتصدى فيها الأسد الأب وقمعها بكافة الأساليب الوحشية استخدم فيها القنابل والدبابات وقتل ما يقارب 40 ألف شخص في يوم واحد ما عرف بمجزرة حماة.
توفي حافظ الأسد عام 2000 بعد توليه ما يقارب 30 عاماً لحكم سورية حكمها بقبضة من حديد مخلفاً وراءه آلاف الضحايا والمعتقلين والمفقودين وإرث لابنه في حكم البلاد وبذلك يعتبر حافظ الأسد الرئيس الوحيد الذي أورث حكم بلاده بنظام جمهوري إلى ابنه. عدل الدستور بعدها في يوم واحد لتمكين الابن من حكم البلاد.
تولى بشار الأسد بعدها الحكم فاعتقد السوريين انهم تخلصوا من ديكتاتور تسبب في قتل الكثير واستبشروا خيراً بالرئيس الشاب القادم الذي حمل بارقة الأمل في الإصلاح والتغيير في سورية الذي وعد بها في البداية فكان بشار ألعن من أبيه.
خلال فترة بداية حكم بشار الأسد تغيرت سورية تغيراً طفيفاً لكن بقيت القبضة الأمنية التي خلفها الأب كما هي فاعتبر بوقتها معارضين للنظام بأن بشار الأسد كذبة لن تطول.
إلا أن اندلعت الثورة السورية في عام 2011 ومع بداية الاحتجاجات في درعا قابلت قوات النظام السوري الاحتجاجات بكامل قوتها ووحشيتها سرعان ما اكتشف السوريين بأن الابن كالأب لا يعرف الرحمة ديكتاتوري كأباه.
عشرون عاماً مرت على تولي بشار الأسد الحكم لم تتقدم فيها سورية في أي مجال لا السياسي ولا الفكري ولا الاقتصادي بل تراجعت، نصف حكمه حرب طاحنة بين أبناء البلد الواحد وعقوبات اقتصادية على البلاد مع تهجير نصف السكان إلى الخارج وارتفاع نسبة الفقر بين السوريين وتدني مستوى الدخل.
تصدرت بها سورية قائمة الدول الأكثر فقراً والأكثر خطورةً وتصدرت أيضاً قائمة الفساد في العالم واحتلت المرتبة قبل الأخيرة.
أما عن الليرة السورية فانهارت الليرة خلال فترة حكم الأب وحكم الابن وفقدت في كل مرة أكثر من نصف قيمتها.
خمسون عامًا من حكم آل الأسد إلى سورية لم يجلبوا لها سوى الدمار والخراب مع تفكيك كبير في بنية المجتمع السوري وزرع الطائفية بين أبناء البلد الواحد.
20 عاماً من حكم بشار الأسد لسورية لم يجلب لها سوى الدمار وقتل الآلاف من المواطنين مع انهيار البنية التحتية سنوات دامية عاشتها سورية لم تسبق وإن عاشتها أبداً.
عقوبات اقتصادية وحصار خانق فرض على سورية بسبب حكم آل الأسد للسلطة مع تحويل البلاد إلى ساحة تدخلات خارجية وحرباً بالوكالة تمكن فيها الابن من الاحتفاظ بالسلطة وإعادة السيطرة على البلاد بعد ما خسر أكثر من 80 % من السيطرة على الاراضي السورية وقتل ما يقارب مليون سوري بفضل دعم رئيسي من حليفين وهما إيران وروسيا.
50 عاماً من قتل وتهجير السوريين مع سرقة كافة موارد سورية لم تكتف بها عائلة الأسد فبعد كل هذه الوحشية بقي الأسد إلى يومنا هذا في السلطة ولم يتغير أي شيء فهل يا ترى ستتخلص سورية من أكثر الديكتاتوريين دموية لها مستقبلاً؟؟ وهل سنشهد اقتراب الصراع الذي أوجده الأسد منذ عشر سنوات أم سينسى المجتمع الدولي بكامله والسوريين كل جرائم بشار الأسد الذي اقترفها خلال 20 عاماً وقبله والده ل 30 عاماً هل سينسى الجميع قتل الشعب السوري بالأسلحة الكيميائية وهل سيعاد تعويم الأسد من جديد؟؟ وهل سيحكم حافظ بشار الأسد من بعده ويتوارث الحكم عن أبيه أيضاً؟؟
لكن بعد 50 عاماً من الخراب والقتل والتشريد واغتصاب السلطة وكافة الموارد السورية نأمل الخلاص لهذا الشعب الذي عانى على مر السنوات وما زال يعاني إلى يومنا. هذا الشعب السوري العظيم الذي قدم أروع البطولات وما زال يقدم في سبيل تحقيق آماله وتطلعاته في بناء دولة ديمقراطية تسودها الحرية تحترم حقوق مواطنيه.
المادة جاهزة ومحررة
آلاء العابد
كاتبة سورية