في أواخر عام 2016 وبعد الإعلان عن فوز (دونالد ترامب) برئاسة أمريكا، أجرت قناة تلفزيونية تحقيقاً مع عدد من الكتاب والصحفيين السوريين في مدينة غازي عنتاب التركية، وجهت لهم تساؤلا حول التغييرات التي ستحدث في الملف السوري، يومها أجبتهم أن السياسات الأمريكية واحدة ولا يمكن تعديلها أو تجاوزها، والرئيس الأمريكي هو منصب تنفيذي لتلك السياسات، ومن يعمل على تغييرها سيتم اسقاطه.
وقد تكون سياسات ترامب المتسرعة سبباً في إسقاطه ومنع تجديد ولايته رغم تقديمه الكثير من المكاسب المادية والإنجازات لأمريكا ولإسرائيل.
ولم تنجح التصريحات حول تزوير النتائج التي صدرت من قبل حملته، لأن أسباب الخسارة تشير إلى وجود أسباب أعمق من فكرة التلاعب والتزوير.
تمًّ تنصيب (دونالد ترامب) عن الحزب الجمهوري وترتيبه الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة في 20 يناير 2017، مستغلًا تبرم الشعب من سياسات إدارة باراك أوباما.
وكان قد أسس وأدار عدة مشاريع وشركات ومنتجعات ترفيهية، من كازينوهات وفنادق وملاعب الغولف، ومنشآت تجارية ومولات في أنحاء العالم، وقد بدأ نشاطه السياسي عام 1987، وخاض في عام 2000 الانتخابات الرئاسية عن حزب الإصلاح الأمريكي لكنه أنسحب منها، وبعد عودة انضمامه للحزب الجمهوري قرر خوض انتخابات 2012 لكنه تراجع لاحقاً، وفي يناير 2015 قرر رسمياً خوض الانتخابات الرئاسية في 2016.
وبعد ظهور نتائج التحقيقات بشأن التدخل الروسي في الانتخابات والتأكيد على حدوث تنسيق بين فريق حملة ترامب والحكومة الروسية، رغم تصريح ترامب مراراً بعدم وجود تدخل روسي في الانتخابات، وهذا ما دفعه إلى تسليم مقادير سوريا لبوتين ومنحه الخيار الوحيد بالحل الذي يريده لدورها في انتخابه، كما بارك على انتقال محادثات جنيف إلى الأستانة وسوتشي وجعلهما أسيرتان للإرادتين الروسية والإيرانية في دعم النظام الأسدي المجرم.
ومنذ توليه رئاسة أمريكا أثار الكثير من الانتقادات لاتخاذه القرارات المتسرعة دون استشارة حزبه أو مجلس الشيوخ الأمريكي، منها انسحابه من اتفاقية باريس بشأن حماية المناخ، وإصداره أمرًا تنفيذيًا مثيرًا للجدل يمنع دخول مواطني بعض البلدان إلى الولايات المتحدة، كما انسحب من الاتفاقية النووية الإيرانية.
سلوكياته المستفزة وتحديه الدائم للآخرين سبب حرمانه من فرصة إعادة انتخابه، لقد أظهر ترامب في الأعمال والسياسة وحتى في حياته الشخصية وحديثه المتعصب، تحديه للمعايير الأساسية التي يفترض على الشخصيات العامة والسياسية احترامها، وواجه غضب الجنرالات والعسكريين، بعد أن شكل مجلس الوزراء نصفه من العسكريين إلى جانب عشرات العسكريين في مجلس الأمن القومي ومستشاريه، ولكنه بدأ بإقالتهم واحدًا تلو الآخر عبر تغريدة غاضبة من قبله لمخالفتهم رأيه، كما أمر بسحب عدد من الجنود الأمريكيين من أفغانستان والعراق وسوريا.
علاقة ترامب مع إسرائيل كانت شخصية ومباشرة ولا تمر باللوبي الصهيوني داخل الحزب الجمهوري، وتعيينه لصهره (جارد كوشنر) كمسؤول عن الملف الأمريكي الإسرائيلي منتزعاً تلك الزعامة من اللوبي الصهيوني الجمهوري.
استمر ترامب في قراراته المثيرة للجدل حيث أصدر بيانه الاستفزازي باعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، واتخاذه قرارًا بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، مع دعمه وتحريضه رؤساء وأمراء وملوك وحكام الدول العربية على دفع الأموال إلى أمريكا لحمايتهم وضمان بقائهم على كراسي الحكم وأجبرهم على إعادة تطبيع علاقات بلادهم مع إسرائيل.
لقد اشتغلوا على قتل الثورة السورية على يدي (أوباما وترامب) تنفيذاً لرغبة إسرائيل ولن تنجو على يد (بايدن).
صبحي دسوقي
رئيس التحرير