قذائِف سوريّة


من عادة المغول حين يُحاصرون المدن أنْ يقذفوها بحجارة ضخمة وبقذائف ملتهبة، لكن قبل ذلك كانوا يقومون بتقطيع أعضاء أسراهم وهم أحياء، ثم يقذفون الأعضاء المقطوعة بالمنجنيق على أسوار المدن لترويع المدافعين عنها.

"بوتين" ذو أصول مغولية ربما، بدلالة استخدامه لتكتيكات مشابهة، فها هو "يقصف" العالم أجمع بملايين اللاجئين والمهجّرين من السّوريين، الذين دمّرت صواريخ العدو الرّوسي بيوتهم وأرزاقهم.

ليس هناك من تفسيرٍ آخر للقصف الرّوسي العشوائي للمدن السّوريّة والتّهجير القسري للشّعب السّوري إلى تركيّا وأوربا وجميع أنحاء العالم.

لم تستقبل روسيا أيّ لاجيء سوري حتى اليوم، والمجرم "لافروف" صرّح أنّ من يتعرّض للاضطهاد في سورية هم "المسيحيّون والأرمن والأكراد فقط…" متجاهلاً أنّ الأغلبيّة السّاحقة من الفارّين هم من المسلمين السّنة، طبعاً هذا ليس مستغرباً من وزير خارجية العدو الرّوسي، والذي لا يَعتبر المسلمين السّنة بشراً من الأساس، بدليل التعامل مع هؤلاء "كقذائف" حيّة يتم استخدامها لابتزاز الأتراك والاتحاد الأوربي، والعالم أجمع.

الحقيقة أنّ تهجير السّنة بدأ قبل الثّورة السّوريّة، منذ قيام الدّولة العبريّة واستمر عبر ممارسات أنظمة البلطجة العسكريّة، حيث تفنّن نظام العصابة والبعث في "تطفيش" سنّة سورية منذ 1963 عبر سد السّبل في وجوههم واضطهادهم بكلِّ الطرق الممكنة.

وكلنا يذكر مقولة "الرجل المناسب لكن في المكان غير المناسب" في سورية الأسد، الكفاءات السّنيّة كان يتم توجيهها إلى مواقع تافهة وثانوية بحيث ينتهي الأمر بأصحاب هذه الكفاءات إلى الرحيل، علماً أنّه حتى أصحاب "اللاكفاءات" من الأقليات تمتعوا على الدوام بأفضل المناصب والمنح، والأغلبية السّاحقة منهم وجدت لنفسها موقعاً بشكل أو بآخر في "سورية الأسد".

وحدهم السّنة تم تهجيرهم بشكل منظّم وبشكل يجعل فُرص عودتهم مستحيلة عملياً.

تفريغ سورية من السّنة بلغ مستويات فلكية مع حرب الإبادة التي يقودها حلف الشّر الرّوسي الإيراني العلوي الأسدي الأميركي والإسرائيلي ضدهم.

لا ننسى أبداً أنّ "القذائف السّوريّة" التي عبرت إلى تركيا يتم إعادة توجيهها إلى "اليونان" المتحالفة أصلاً مع بوتين، عن طريق البحر، والحكومة اليونانية من جهتها تقوم بتوجيه العابرين إلى أوروبا وبالأخص ألمانيا التي يريد بلطجي الكرملين “تأديبها" هي الأخرى.

الأميركي من جهته مسرور برؤية المنافس الأوروبي، وخاصة الألماني، وهو يتعرّض لما أسماه "بابا الفاتيكان" شخصياً "بالغزو" الإسلامي للقارة الأوربيّة.

"داعش" استثمرت في هذا المجال مثل باقي "المافيات" وتعاقدت مع عصابات عابرة للدول من ليبيا حتى باكستان لنقل "العبوات البشرية" مقابل أتاوات ملعونة.

في مباراة كهذه علينا ألّا ننسى أنّ أقصى الحقارة هو في موقف العدو الإسرائيلي المتحالف مع نظام العصابة منذ 1973 والمتناغم مع العدوّين الأميركي والروسي، والذي يُفضّل أنْ تُباد الأغلبيّة السّنيّة في سورية من أجل أن يبقى رجل إسرائيل الأول في قصر المهاجرين.

 

 

 م. المثنى سفان

كاتب سوري

 

Whatsapp