كان الطبيب جواد أبو حطب رئيس الحكومة السورية السابق، عميداً لكلية الطب البشري في جامعة حلب الحرة، ضيفاً على راديو فجر في برنامجي "حديث عينتاب" في الأسبوع الأخير من شهر تشرين الثاني، أما الحديث فكان عن الإنجاز الرائع المتمثل بتخريج اثنين وثلاثين طبيبًا وطبيبة رغم كل الصعوبات، وأنه في العام القادم يُنتظر تخرج دفعة جديدة تصل إلى ثمانية وثمانين طبيبًا وطبيبة. من خلال الحوار ذكرت عدة نقاط تدفع إلى الذهن سؤالاً رئيساً لم يتسع اللقاء لتناوله بشكل واسع. أما السؤال فعن دور جامعة حلب الحرة ما بين واقعها وما يؤمل منها.
المأمول من جامعة حلب الحرة التي تأسست عام 2016، يمكن إيجازه برسالتها وبأهدافها المثبتة على صفحتها المتواضعة في الفيس بوك، بأنها "مؤسسة تعليمية رسمية، تابعة لوزارة التربية والتعليم العالي في الحكومة السورية المؤقتة"، رسالتها تأمين دراسة الطلاب المستجدين أو المنقطعين، وحماية الأكاديمي السوري المنشق، وتقديم برامج تعليمية متميزة في منهجها وطريقة تدريسها تسهم في إعداد المواطن الصالح، وتركز على البحث العلمي وتعزيز ماهيته في التطوير والإنماء الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وتأصيل العلوم وترسيخ القيم الإنسانية والأخلاقية المستمدة من ديننا الحنيف وتقاليدنا. وأنها تهدف إلى سدّ الثغرة الحاصلة في المناطق المحررة من خلال تأمين فرص التعليم الجامعي لأبناء سورية وأبناء الأسر، وتوفير المناخ المناسب لاستثمار طاقات الأكاديميين وتقديم خدمات تعليمية متقدمة ومتطورة في أهدافها وإمكانياتها.
أما على الواقع فإننا نجد أمامها تحديات كبيرة أولها:
دائمًا ما تحتاج المهن كالدول للاعتراف بها. كم من دولة لا تمتلك مقومات الدولة هي اليوم عضو في الأمم المتحدة، وكم من دولة تملك المقومات ولا يعترف بها، وكذلك في المهن والمؤسسات ومنها الجامعات.
يقول الدكتور جواد أبو حطب في حواره حول هذه المسألة بأن الغاية هي سد السوق المحلي وليس تصدير شهادات، ويؤكد بأنّ وثمة معايير أكاديمية وفق أصول الجامعات وقوانينها، ويتم اختيار الطلاب والمنهاج وأسلوب التدريس والكادر الأكاديمي. مع ذلك تبقى مسألة الاعتراف مهمة جدًا وربما هي التي تكون مفتاح حل باقي الصعوبات ومنها التهميش والإقصاء.
يتطرق الدكتور جواد أبو حطب خلال حديثه عن تطورات الكورونا في المحرر وأنهم قدموا دراستين مهمتين، الأولى تحذر من تفشي الكورونا وكيف توقعت الدراسة اجتياحاً كبيراً للمناطق المحررة في نهاية العام، ودراسة تفند شائعة أن السوري لا يصاب بالكورونا، مع ذلك لم يتم الاهتمام بهما كما ينبغي، وأنه لديه دراسة جاهزة عن كيفية مواجهة هذه الجائحة، ويتأسف على عدم دعوة جامعة حلب الحرة لحضور لقاءات تحصل حول سبل مواجهة هذه الجائحة، في حين يدعى لها شخصيات تابعة لمنظمات ليس لها خلفية علمية أو أكاديمية تخصصية، ويشير د. حطب هنا إلى استغلال المنظمات الساحة في ظل غياب دور الحكومة، وهدر وقتها في التصوير والتوصيات والتحذيرات الإعلانية بينما يتم تجاهل الجامعة كدور بحثي وعملي ميداني في مواجهة هذه الجائحة.
يقول السيد ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي في مقال له تناول فيه وضع الجامعات التركية، أنه بات هناك جامعات تعمل كمراكز بحثية لصالح جامعات أخرى. وعلى أهمية البحث العلمي وهو من أوليات جامعة حلب الحرة، نستشف من كلام الدكتور أن ثمة خلل في التواصل، بل تجاهل لضرورة العمل مع الجامعة.
في العديد من دول العالم، ومنها تركيا، هناك استقلالية تامة للجامعة، نرى أنه لو تم تفعيل الجامعة ككيان مستقل ربما يمكن لها أن تحقق أهدافها، وتصل إلى بلوغ رسالتها بشكل أوسع.
كاتب وإعلامي سوري