الديمقراطية الأمريكية


 

في ظل التجاذبات السياسية التي حدثت ورافقت انتخابات الرئاسة الأمريكية 2020 والتي أعلن فيها الرئيس المنتهية ولايته (ترامب)، فوزه بالانتخابات وطعنه بالنتائج المعلنة التي تشير إلى خسارته وتنصيب (بايدن) رئيساً منتخباً لأمريكا في 20 كانون الثاني 2021.

(ترامب) أكدًّ وشكر 17 ولاية انضمت إلى ولاية تكساس في القضية الاستثنائية المقامة ضد أكبر عملية تزوير انتخابي في تاريخ الولايات المتحدة، متمسكاً بموقعه في البيت الأبيض وكأنه اكتسب الديكتاتورية من الحكام العرب الذين عرفهم وحماهم.

مظاهرات مستمرة لأنصاره، وكذلك مسيرات فرح لأنصار (بايدن)، ورغم صرفه الأموال الطائلة لتأكيد فوزه إلا أن القضاء الأمريكي وافق على نتائج الانتخابات وبارك (لبايدن) فوزه، وهنا تظهر الديمقراطية في أمريكا في أبهى صورها.

الرئيس الأمريكي هو منصب تنفيذي ولا يستطيع فرض قراراته على السياسة الأمريكية وعلى الوزراء، وتابعنا كيف اصطدمت قرارات (ترامب) بانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان والعراق وسوريا، برفضها من وزير الدفاع الأمريكي مبقياً على القوات الأمريكية فيها لأنها تحمي مصالح أمريكا.

وما قاله رئيس هيئة الأركان الأمريكي الجنرال (مارك ميلي)، وبجانبه القائم بأعمال وزير الدفاع (كريستوفر ميللر)، الذي عينه (ترامب) بعد إقالته (لمارك إسبر):

 نحن فريدون من نوعنا بين الجيوش، نحن لا نؤدي القسم لملك أو ملكة أو طاغية أو ديكتاتور، نحن لا نقسم لأجل فرد، ولا لبلد أو قبيلة أو دين، ونحن نقسم على الدستور، وكل جندي في هذا المتحف، كل بحار وطيار ومشاة بحرية، وخفر سواحل، كل منا سوف يحمي تلك الوثيقة بغض النظر عن الثمن الشخصي.

لقد سنًّت أوربا وأمريكا القوانين التي تضمن حريات شعوبها مستندة على دساتير ثابتة تبجل وتضمن ممارسة الحريات والديمقراطيات وتحميها، ورغم نظرتنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية على أنها رمز للإمبريالية العالمية، وأنها سارقة لثروات شعوب العالم، فتبقى هي عاصمة للحرية وتبقى في علاقتها بمواطنيها، مثالا يحتذى. 

أثبتت الديمقراطية الأمريكية أنها قادرة على تجنيب الشعب الأمريكي ويلات الحروب الأهلية، فقد طالب الشعب الأمريكي بداية بإصدار وثيقة تعتبر دستوراً تحترم الحكم المحلي لكل ولاية، والدستور لم يتم تغييره وهو يعد أقدم الدساتير العالمية وأكثرها استقراراً، وذلك بسبب وجود محكمة عليا مستقلة وقوية، تعتمد في معظمها على هيئة المحلفين، وفي إمكان قضاتها الامتناع عن تطبيق القوانين التي يشكون في مخالفتها للدستور.

والرئيس في أمريكا غير مستقل ويخضع لرقابة مجلس الشيوخ في السياسة الخارجية وإعلان الحرب والطوارئ والتعيينات، فهو ينفذ القانون فقط.

أخيراً:

لقد سهرت أمريكا وأوربا على منح شعوبها الديمقراطية والحرية، وتمكينهم من ممارستها والتمتع بها، وبالمقابل أشرفت على حماية الحكام العرب، ومنحتهم حرية توريث الحكم، مقابل ارسال الأموال إلى البنوك الأوربية والأمريكية.   

ورغم موقفنا من السياسة الأمريكية والأوربية اتجاه الشرق الأوسط وموقفها المعادي للثورة السورية وتنفيذها لرغبة إسرائيل في حماية السفاح بشار الأسد، فإننا نحلم وننبهر بالحريات والديمقراطيات في أوربا وأمريكا الممنوحة للشعوب، ونتمنى أن تنالها شعوبنا العربية يوماً ما.

 

 

صبحي دسوقي

رئيس التحرير

 

Whatsapp