العدالة التصالحية


 

وصل إلى البريد الإلكتروني لصحيفة إشراق رسالتين، الأولى من فريق غرفة دعم المجتمع المدني، وفيها نص الإحاطة التي قدمها المبعوث الخاص إلى سوريا (جير بيدرسن) إلى مجلس الأمن حول الوضع في سوريا.

ثم وصلتنا رسالة ثانية وفيها توضيح من مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا، حول الإحاطة وردود فعل السوريين حولها تقول: 

يود مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا أن يوضح أنه، في الإحاطة المقدمة إلى مجلس الأمن بتاريخ 16 ديسمبر/كانون الأول 2020، أدى خطأ فني غير مقصود إلى وصف بعض أعضاء الثلث الأوسط على أنهم طرحوا نقاطاً خلال الجلسة الأخيرة للجنة الدستورية تتعلق بالعدالة التصالحية، لكنهم لم يستخدموا هذا المصطلح في بياناتهم المكتوبة والشفوية، والبيان الخاص الذي أشارت إليه الإحاطة في الواقع لم يذكر سوى العدالة التعويضية في سياق الحديث عن السكن والأراضي وحقوق الملكية. 

وتلاها المجتمع المدني برد يستنكر وينفي فيه ورود مصطلح العدالة التصالحية في اللقاءات التي سبقت الإحاطة بين (بيدرسون) وممثلو المجتمع المدني، مع تأكيدهم أن هذا المصطلح ورد من طرف الوفد الذي يمثل النظام، الذي طالب أيضاً بإعادة تفعيل دور القنصليات السورية في بلدان اللجوء، وإعادة الحياة الدبلوماسية وتعويم نظام الأسد، كذلك طالب معدو الرسالة برفع العقوبات الاقتصادية عن النظام بذريعة تأثيرها على الشعب السوري، وكذلك ساووا الضحية بالجلاد من خلال الدعوة لوقف استهداف المشافي والمدارس.

 منظمات كثيرة تنصلت من البيان وأدعت عدم معرفتها به رغم حضورها الاجتماعات، وأخرى ادعت عدم علمها وعدم معرفتها به، في النهاية اعتبرت الرسالة كوثيقة من الوثائق التي اعتمدها (دي مستورا) عن المجتمع المدني وبالتالي خسارة جديدة لمطالب الثورة والثوار.

ردود الأفعال على وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي رداً على مصطلح (العدالة التصالحية)، حيث نسب (بيدرسون) استخدام هذه الجملة لبعض من أعضاء اللجنة الدستورية عن المجتمع المدني تلاه بيان من مجموعة من أعضاء اللجنة المذكورة ينفون فيه استخدامهم لهذا المصطلح وأنهم في كلماتهم والوثائق المقدمة منهم كانوا يستخدمون عبارة العدالة الانتقالية وأن تحريفاً قد تم في الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية ووردت العبارة المذكورة بشكل خاطئ.

ومن الواضح في موضوع العدالة الانتقاليّة الدور الفاعل للمجتمع الدّولي وللقانون الدولي ومؤسسات العدالة الدولية في رعاية برامج العدالة الانتقالية حيث يصعب في أغلب الأحيان أن تتكون العدالة الانتقالية على المستوى المحلّي دون دفع ومشاركة نشطة من المجتمع الدّولي والمؤسسات الأممية.

على مدى عشر سنوات من عمر الثورة السورية قدم الشعب السوري الحر مئات الآلاف من الشهداء في سبيل الحق والحرية والوطن والكرامة، وما يتم العمل عليه وسمي مرحلة العدالة التصالحية، وهي ابتكار جديد يسعى إلى إعادة تتويج السفاح بشار رئيساً على أطلال سوريا. 

ويقصد بتعبير العدالة التصالحية أن يشارك فيها الضحية والجاني، مشاركة نشطة لتسوية المسائل الناشئة عن الجريمة، بمساعدة من طرف ثالث وهو ميسّر تلك العملية، (بيدرسون) يسوق للعالم مشروع العدالة التصالحية مع القاتل، فالتصالح معه برأيه أضحت عدالة؟؟؟، بينما العدالة برأيي الأحرار لا تحمل في طياتها سوى معنىً واحد وهو الإنصاف، واستعادة الحقوق المغتصبة، وتحديد المسؤوليات مع المحاسبة، والقصاص من القتلة.

العدالة التصالحية التي يريدها الشعب السوري الحر، هي محاكمة كل المسؤولين عن تدمير البلد، وعمن تسبب باستشهاد أكثر من مليون مدني، واعتقال قرابة ٨٠٠ ألف، وتشريد وتهجير أكثر من عشرة ملايين مدني سوري.

العدالة الانتقالية التي يريدها الشعب السوري الحر تأتي بعد تحقيق البيئة الآمنة، وهيئة الحكم الانتقالي هي من ستحقق العدالة الانتقالية، وهي تقديم المجرمين للعدالة لكي يتم التصالح، ولن يتصالحوا مع القتلة، ولن يقبلوا بالعدالة التصالحية بديلا من العدالة الانتقالية كما بدأ يروج البعض.

وليست المرة الأولى التي يتنازل بها المجتمع المدني ويغير بالمصطلحات ففي عام ٢٠١٨، غيرت منظمات في المجتمع المدني برسالة لها معنى التغيير الديموغرافي الذي يمارسه بشار الاسد وأطلقت عليه تسمية الهندسة الديموغرافية وبسبب هذا التغير لم يتم تناول مصطلح التغيير الديموغرافي بعدها.

يتحمل المجتمع الدولي والأمم المتحدة، ومنظمات المجتمع المدني بشقيها المجتمع المدني واللجنة الدستورية المسؤولية عما قاله (دي ميستورا) بنقله عنهم، معتبراً مصطلح العدالة التصالحية كوثيقة من الوثائق التي اعتمدها عن المجتمع المدني السوري، رغم اعترافه بتحريفها، مع نفيه المستمر وجود إمكانية لحذفها أو تغييرها، وكأنها نصوص مقدسة، ورغم خطأه المقصود فهو يريد فرضها على الحل القادم بسوريا، في افتراق واضح عن قرارات الأمم المتحدة السابقة والقرار 2254، وهو مستمر بعمله بإعادة تدوير السفاح بشار الأسد ومنحه الشرعية الدولية لإعادة تنصيبه رئيساً لسوريا في استمرار مسلسل التوريث للعائلة الأسدية التي فرضته إسرائيل وأرغمت كل دول العالم على القبول به.

أخيراً:

تنبه الكثير من السوريين الأحرار لهذا المصطلح الخطير وضغطوا على جميع الاطراف بكل الوسائل (الإعلامية) المتاحة لبيان الحقيقة وكانت النتيجة: 

- اعتذار بيدرسون وإصدار بيان توضيحي 

- اصدار بيان براءة من أشخاص ممثلين عن (المجتمع المدني) 

- منشورات توضيحية من قبل المفوض المشترك للجنة الدستورية 

وتم التوقيع على وثيقة موجهة إلى الأمم المتحدة ترفض مصطلح العدالة التصالحية والمطالبة بتصحيح المسار السياسي وتفعيل هيئة الحكم الانتقالي.

Whatsapp