2020 ماله وما عليه


 

 

يغادرنا عام 2020  مخلفًا وراءه كوارث وملفات كثيرة أولها وأقساها وباء كورونا (كوفيد 19)، إذ ظهر في أواخر عام 2019 في الصين وأخذ تسميته من ذلك، إلا أن انتشاره كوباء تم عام 2020، لقد أصيب أكثر من 20 مليون إنسان على مستوى العالم إلى الآن بهذا الوباء، جمد الاقتصادات وأفلس الشركات وقطع التواصل بين الدول وفرض الإغلاقات التامة والجزئية، ليس معروفًا إلى الآن متى سينحسر هذا الوباء، فقد أعلن مؤخرًا عن تطورات جديدة على بنية الفايروس تمكنه من أن يشكل طفرة جديدة قد تكون بمثابة فايروس جديد، ومع الإعلان عن تطوير أكثر من لقاح أميركي ــــــــــ ألماني  وصيني  وروسي، فلا أحد يجزم إلى الآن مستقبل هذا الفايروس ومستقبل البشرية معه، فقد أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه قد يصل عدد المصابين به إلى 700 مليون على مستوى العالم. تمتلئ منصات التواصل الاجتماعي بالمعلومات المتضاربة عن اللقاحات والإصابات منها من يشكك حتى بوجود الفايروس وبالمؤامرة الكبرى التي خلقتها الشركات الكبرى في هذا المجال، وسيبقى الغموض سيد الموقف حتى تظهر نتائج اللقاحات وإمكانية تعميمها على العالم. طبعا كان لسورية نصيب كبير من الجائحة، ليس فقط كباقي دول العالم، إنما يزيد على ذلك استهتار النظام وتدهور الوضع الصحي في المشافي والمستوصفات، كما أن اللجوء للمشافي الخاصة يبدو حكرًا على الأغنياء والمحاسيب لتكاليفها الفلكية في وضع اقتصادي منهار من كل الجوانب. 

    في عام 2020 انخفضت أسعار النفط الخام بشدة، حتى بيع برقم 30 دولار سلبًا، أي أنك تشتري باخرة النفط لتفرغها وتقبض 30 دولار عن كل برميل نفط تستلمه، لكن هذا الانخفاض لم يشعر به المستهلك، فقد ابتلعته الشركات الكبرى ،أما في سورية فالمشتقات النفطية شبه مفقودة رسميًا، ولكنك تستطيع الحصول على ما تريد وبالكمية التي تريد بالسوق السوداء التي تتضاعف الأسعار فيها أضعافًا مضاعفة، ومع دخول فصل الشتاء تزداد المعاناة لشعبنا في الداخل السوري تحت سلطة نظام القمع والترهيب، فلا كهرباء ولا غاز ولا مازوت ولا خبز، فهل هو العصر الحجري بالنسبة لسورية؟

في عام 2020 أيضًا وعلى الصعيد العالمي، خسر ترامب وحزبه الجمهوري انتخابات الرئاسة، وهي من المرات القليلة التي يخسر الرئيس تجديد ولايته، فلقد كان ترامب بعنصريته ضد مواطنيه، ومشاكله مع حلفائه وعدم اتزانه في المشاكل الأممية من المناخ إلى حظر الأسلحة وغيرها، ساهم بشكل واضح بهذه النتيجة، وقد طالنا نحن العرب الأذى من هذه السياسات خصوصًا في القضية الفلسطينية، من إغلاق مكاتب فلسطين في أميركا إلى نقل سفارته للقدس إلى موافقته على سيادة إسرائيل على الجولان  السوري وضمها لغور الأردن ثم جر بعض الدول والمشيخات العربية إلى الاعتراف بإسرائيل وتطبيع العلاقات معها، لظن هذه الدول والمشيخات أنها ستكون بحماية أميركا واسرائيل طويلًا. أما من كان ينتظر من ترامب ومن أتى بعده أي تحرك إيجابي لصالح الشعب السوري ضد نظامه المجرم فهو واهم، فلطالما كانت أميركا عدوة الشعوب وحليفة الطغاة والفاسدين، وفي سورية منذ عهد أوباما، ساهمت بخلق كيانات تمهد لتقسيم سورية على يد حلفاء إرهابيين دخلوا إلى سورية ليزرعوا الفرقة والدمار وينهبوا خيراتها باستيلائهم على المحافظات الثلاث الأكثر انتاجًا في سورية بعد تهجير القسم الأكبر من سكانها وقامة سلطة أمر واقع تغير معالم المنطقة وهويتها وثقافتها.

أما ثورات الشعوب العربية التي لم تشارك في ما سمي بالربيع العربي من الجزائر إلى السودان والعراق ولبنان، والتي اندلعت في نهاية عام 2019 واستمرت في عام 2020، ويبدو أنها لم تصل لأهدافها المرتجاة إلى الآن ، وإذا كانت الجزائر والسودان أحسن حالًا بنجاحها في تغيير رأس النظام وحاشيته، والدلائل تشير إلى عدم رضى جماهيرها بهذا الإنجاز فهو أزال رأس النظام ولكن الدولة العميقة باقية وتعرقل أي تغيير حقيقي لصالح الشعب، أما في لبنان، هذا البلد الصغير والغني بشعبه وقدراته والمختطف من مافيات محلية وخارجية، فمعاناته تزداد يومًا بعد يوم ووضعه الاقتصادي المذري ينعكس حتى على جواره بالسلب.

   يبقى الوضع السوري هو الأسوأ بوجود نظام جائر ومجرم وفاسد، فدخلنا عام 2020وسعر صرف الدولار 900 ليرة لنخرج في نهايته بسعر صرف يقترب من 2800 ليرة وما بينهما من حرائق الغابات المفتعلة حسب تصريح وزير زراعة سابق بنسبة 99 بالمائة.

 أعان الله شعب سورية للخروج من هذه الكارثة المستمرة منذ عقود ليعود ويبني بلده وتنتهي مأساة الاغتراب التي طالت الأرواح والأجساد. 

 

 

محمد عمر كرداس

كاتب سوري

Whatsapp