الفنّان التشكيلي
رشاد قصيباتي
مضى أكثر من قرن على ولادته وثلاثة عقود على رحيله إلا أن أثره كأحد مؤسسي الحركة التشكيلية السورية وكرائدٍ مهمّ من روّادها ما يزال حاضراً في دراسات موثقي التشكيل السوري وعلى جدران المتاحف الوطنية السورية.
رشاد قصيباتي فنان تشكيليّ مخضرم من مواليد دمشق عام 1911. درس الفنون الجميلة على نفقته الخاصة في عدة مدن إيطالية في ثلاثينيات القرن الماضي متنقلاً بين أكاديميات روما وفلورنسا ورافينا لدراسة الفسيفساء والزخرفة والفريسك والتصوير. كان في هذه الفترة على تواصل دائم مع صديقيه الفنانين غالب سالم ووهبي الحريري.
بعد عودته إلى سوريا عمل قصيباتي مدرّساً في معهد الفنون الجميلة ثم أستاذاً في كلية الفنون الجميلة في دمشق عام 1961، كما درّس الفنون في عدد من الدول كالمملكة العربية السعودية وجمهورية الكونغو.
ساهم في تأسيس حركة الفن التشكيلي السوري من خلال نشاطه الطويل عبر سنيّ حياته فكان من مؤسسي جمعية محبي الفنون والجمعية السورية للفنون، وتسلّم رئاسة نقابة الفنون الجميلة التي ازدهرت في أيامه تنظيما وعطاء، كما كان عضواً في المجلس الأعلى للعلوم والفنون والأدب.
شارك في الكثير من المعارض الفنية الجماعية منها والفردية في عدد من المدن مثل دمشق وبيروت وروما. لعل مشاركته في المعرض الجماعي السوري عام 1950 كانت من أهم مشاركاته حيث تمكن من نيل جائزة مهمة في ختام المعرض. أما في إيطاليا فقد منحه الرئيس الإيطالي جيوفاني ليونه اللقب الجمهوري (فارس) وقلده نجمة التضامن الإيطالي في العام 1975. كانت هذه من أبرز الجوائز الكثيرة التي حصدها الفنان قصيباتي خلال مسيرته الفنية الطويلة.
استلهم الفنان رشاد موضوعاته الفنية من الطبيعة والطبيعة الصامتة والحياة اليومية إضافة الى عمارة دمشق القديمة، فصوّر تكوينات صامتة بديعة وجسّد المرأة في كثير من أعماله، كما صور الطبقة البسيطة من الناس في كدها وسعيها اليومي وراء العيش. من أشهر لوحاته (أزهار ومندولين) محفوظة في متحف دمشق الوطني. يتجلى الأسلوب الواقعي الانطباعي في أعماله من خلال التبسيط واختزال السطوح بمساحات لونية موحدة. تميزت أعماله بقوتها في تحقيق التوازن وتماسك التكوين، كما تميزت بألوانها الزاهية وتوزيعها المتوازن في مساحات اللوحة. تقتني أعماله وزارات الثقافة والتربية إضافة لمتحف دمشق الوطني ومتحف دمر.
رحل الفنان رشاد قصيباتي عام 1990 بعد تجربة فنية غنية بالإنجازات والأعمال الفنية التي ساهم من خلالها في تشييد صرح حضاري مهم للحركة التشكيلية السورية.
يسر عيّان
كاتب سوري