الكلمة الحرّة، هي نزعةُ كلّ صحافي "مشاكس" في القول والتّحدُّث عما يشتعل بداخله، مراقبة الأحداث والدّخول بتفاصيلها والإيمان الكامل بوصول هذه الكلمة إلى مستمعيها وقُرّائها.
كسوريّ المنشأ والهُويّة، لإيضاح ما يحدث في بلدٍ لم تَعدْ تتّسع لهُ جائحات العصر كلّها والتي بدأت بالأسى السّوري المتفاقم من خلال الاعتقالات التّعسفيّة والقتل العشوائي والتّدمير المُمنهَج والكيماوي الحارق الذي نفّذه إرهاب الأسد وحلفاؤه مع ارتداء كمّامات الخوف لمنع إظهار الحقيقة والتّعقيم بغاز السّارين القاتل ومروراً بجائحة كورونا التي عطّلت مفهوم الثّورة في عقول بعض أعضاء وفد المعارضة وانتهاءً بجائحة طوابير الهموم والبحث عن رغيف خبزٍ أو لحظة حياة.
ولأنّ الدّور الأكبر يقع على عاتقنا "نحن السّوريّون" كصحفيين وكتّاب، في كل طريق متاح لإبقاء أقلامنا نشطة وإبقاء حلمنا مضاءً كـ "إشراق" حتى آخر هذا النفق المظلم الذي عاشَتْه وتعيشه سورية من ظلم الاستبداد.
في زحام الهوس العالمي بتمزيق أرضنا، وهوس إدخال المجتمع السّوري في ظلم المناطقيّة والطائفيّة والتّقسيم تحت غبار قصف الاحتلال الروسي الفاشي وتحت وحشيّة السّيف الفارسي الصفوي الشيعي المدمّى، لإعادة تلميع تنظيم الأسدين تحت قبّة "العدالة التّصالحيّة" السَّمجة.
تُكمل اليوم صحيفة "إشراق" مسيرتها بخمسِ سنواتٍ من العمل الدّؤوب، نجحت من خلال إطلالتها "النّصف شهرية" في إلهام قُرّائها وتشجيعهم على حريّة الرأي والتعبير التي غابت في بلداننا العربية كافّة، وذلك بما ينسجم مع العهد الذي قطعته أمام جمهورها أنّها ستكون بمثابة "إشراقة" جديدة في عالم الصّحافة وحريّة الرأي.
إذ برهنت "إشراق" على ذلك من خلال نجاحها في تقديم محتوى ثقافي، سياسي، واجتماعي جديد بلغة عربيّة – تركيّة مشتركة، وبأسلوب سلس وبصيغة مشوّقة، يجمع بين المقالات والدّراسات المترجمة والتّقارير الخاصة، إلى جانب الصّور التّعبيريّة لكلِّ محتوى، مع تسليط الضّوء على الكتّاب والشّعراء والمبدعين السُّوريين والأتراك وحتّى الشّباب أصحاب الكفاءات في مجال الصّحافة والإعلام، وبدعم الحكومة التّركيّة، وهو ما يعتبر أحد الركائز الرئيسيّة في مسيرة نجاحها وتعزيز مكانتها وانتشارها على مستوى تركيا وبعض الدول الأوربية.
تناولت صحيفة "إشراق" منذ صدورها أبرز المستجدات السّورية - التركيّة، العربيّة والعالميّة في مختلف مناحي الحياة، وشارك في كتابة مقالاتها أبرز الأدباء والشّعراء والمفكّرين السّوريين العرب والأتراك. ومنذ صدورها وحتى اليوم، شكَّلت "إشراق" رمزاً ثقافياً متميزاً للسّوريين والأتراك، إذ نجحت في طرح صيغة جديدة لمعنى الصحافة الحرّة، كما أنّها لم تتوقف عن الصّدور منذ التّأسيس بدعم محبّيها.
تحتفل صحيفة "إشراق" في هذا العدد 120، بالذّكرى الخامسة لانطلاقتها في عالم الصّحافة السّوريّة التركيّة المشتركة، متمنّياً أن تكونَ وفيّةً لكلمة الحق، مخلصةً لنداء المقهورين، حريصةً على حريّة الرأي والتّعبير، ساعيةً لكل ما فيه الخير، وأنْ تكونَ مصداقيّة وصوت الإنسان الحر على طول المدى.
م. المثنى سفّان
كاتب وصحفي سوري