إشراق، وحكايةُ اللقاء


لمّا خطَتْ خطواتها الأولى كان لي موعدٌ معها، بادرتْ هي بطلبه، على غير العادة في مجتمعاتنا الشرقية. اتصل بي القائمُ عليها، وذكر لي رغبتَه في أن أكون أحد أفراد أسرتها، رحّبتُ بالعرض، وطلبتُ منه أن يذكر لي الخطوط العريضة، التي عليّ أن ألتزم بها، كعُرف معمول به في عالم التحرير في الصحافة عمومًا.

كان العرض مغريًا جدًّا: ليس هناك خطوطٌ حُمر، لك مطلق الحرية في أن تعرض من الأفكار ما تشاء، وبلُغتك التي تشاء، وبأسلوبك الذي تشاء، فليس هناك (مقصٌّ رقيب)، ليس هناك تقييد على ما تعرض وتنشر، سوى أن تشاركنا الرأي في نشر الوعي والثقافة البيضاء في مجتمعنا السوريّ. 

 

أمام هذا العرض المغري، حملتُ نفسي على المطاوعة والرضا، اتصلتُ بأخي الكبير الذي يقطنُ في بلدتها، وسألته عنها وعن أسرتها، فأثنى وأجاد الوصف والبيان، قال لي الأستاذ عبد الباري عثمان: إنّها قصة نجاح واعدة، أرى أن تكون إلى جانبها، وتشدّ من أزرها، والقائمُ عليها رجلٌ أديبٌ أريبٌ، له من الهمّة ما يعدل هِممَ العشرات من الرجال، وتقف إلى جانبه امرأة عظيمة، تذكرنا بالمأثور من كلام جداتنا، (وراءَ كلِّ رجلٍ عظيمٍ امرأةٌ).

 

اتكلتُ على الله، وأخذتُ أراسلُها، واللهُ يشهد أنّها ما رفضت لي طلبًا، ولا أشاحت بوجهها عنّي. أخذت (إشراق) تشرق كعهدي بها، وفي كلّ إشراقة لها، تكون إحدى رسائلي الموشّحة بصورتي، وإطراء ينمّ عن ذوق الأستاذ الأديب الأريب (صبحي دسوقي).

لقد زرتُه في بيته في غازي عنتاب قبل خمس سنوات، فوجدت فيه الأخ والصديق الذي يقترب في جوانب كثيرة ممّا أبحث عنه من الأصدقاء: همّةٌ كبيرة، ونفسٌ طيبة، وشوقٌ للمعالي، وقصةُ نجاح تروى.

وقد زاد الأمرُ قربًا، عندما حكى لي قصة رحيل أسرته إلى الرقة، من بلدة (أرمناز) في الجبل الوسطاني، في المحافظة الحبيبة، التي ألتقي معه في الانتماء إليها، إدلب الحبيبة، رمز التعايش والإخاء، التي تضمّ في سهولها وكرومها وجبالها نخبة المجتمع السوريّ، فغدتْ صورة معبّرة عن (سورية الجديدة).

لك يا (إشراق) خالص الدعاء بأن تظلّ إشراقتك تطلّ علينا في موعدها (النصف الشهري)، على غير ما اعتدنا عليه من (القمر) في إطلالته الشهرية، ولأسرتك الصغيرة خالص المحبة، مع خالص التمنيات لأسرتك الكبيرة (المحرّرون، والكتاب، والفنيون)، المشاركين في تألقك في كلّ إشراقة جديدة تتحفينا بها. 

 

د. محمد عادل شوك

 كاتب سوري

Whatsapp