إلى منظمة الأمم المتحدة


ليس منح اللغة العربية يوماً عالمياً للاحتفاء بها ضمن اللغات الرسمية، ولغات العالم الست للأمم المتحدة مبعث فخر للغة العربية، فهي لغة عالمية بعمقها التاريخي والثقافي والإنساني، وباحتلالها المرتبة الرابعة بين لغات العالم الحيّة بعدد المتحدثين بها، وبصفتها اللغة الرسمية لإحدى الحضارات الخمس المتبقية في العالم.

الأمم المتحدة التي لم تستطع أن تكون أمينة على مواثيقها وعهودها وقراراتها الدولية، وقعت رهينة للخمسة الكبار الذين يمتلكون إمكانية تعطيلها، وتجميد نشاطاتها، وقراراتها، وحتى توصياتها وبياناتها الصحافية، ووجدت نفسها تعيش حالة من العجز والتقصير وعدم الجدوى، ما جعلها تعمد إلى التغطية على إخفاقاتها عبر اجتراح عشرات الأيام والأسابيع والسنوات الدولية، تبيع فيها الوهم للشعوب المقهورة، والمدن المنكوبة، والدول المُحتَلّة، ومناطق الأزمات الخانقة، والصراعات المدمِّرة، وتلهيهم عن مآسيهم وإخفاقاتها بالاحتفالات والأعياد التي ليس أولها اليوم العالمي لناسور الولادة، وليس آخرها اليوم العالمي للمراحيض في 19 تشرين ثاني/نوفمبر من كل عام . 

فأي معنى لليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، دون أن يكون لهذا التضامن أي أثر بمواجهة المحتل الإسرائيلي وآلته العدوانية، على مدى أكثر من سبعة عقود، وأكثر من مئة قرار دولي. 

وأي معنى لليوم الدولي للتوعية بخطر الألغام، دون المساعدة على إزالتها، وإعلان المناطق التي زُرعت فيها نظيفة وآمنة، التي قتلت وأعطبت الكثير من السوريين، بما فيهم الأطفال والرضع.

أي جدوى من يوم إحياء ذكرى جميع ضحايا الحرب الكيميائية، وأي مصداقية لليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب، وطغمة الأسد مازالت خارج المسؤولية رغم العديد من التقارير التي أثبتت مسؤولية النظام عن استخدام غاز السارين في الغوطة الشرقية في العام 2013 وما قبل وما بعد، ناهيك عن نصف مليون وثيقة تثبت تورط نظام الأسد بجرائم ضد الإنسانية، و55 ألف صورة لسجناء مدنيين تعرضوا للتعذيب حتى الموت في سجون الأسد.

بعد كل ذلك، وبعد أن عجزت المنظمة الدولية عن أداء أبسط واجباتها، بما فيها إدخال المساعدات الإنسانية للسوريين مؤخراً بفعل الفيتو السادس عشر الروسي الصيني المجرم.

وبعد أن صار لزاماً عليها أن تعترف بأنها قد أصبحت منظمة فاشلة، وأنها ليست أكثر من منتدى للطغاة وتجار الحروب، على حساب مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان. فلتسمح لنا أن نقول لها: شكراً أيتها المنظمة العجوز على اليوم العالمي للغة العربية، فنحن قد أخذنا عزاءك في اليوم العالمي للضمير، وعزفنا لحنك الجنائزي في اليوم الدولي لموسيقى الجاز، وعشنا حقيقة فشلك في اليوم العالمي للاجئين، وذرفنا الدموع على ثقتنا بك في اليوم العالمي للسعادة.

وها نحن اليوم بعد أن عصف كوفيد 19 بملايين البشر نتساءل إن كانت منظمتك للصحة العالمية ستحتفل دون خجل بأسبوع التحصين العالمي في شهر نيسان/أبريل القادم. ظل شيء واحد عليك أن تقومي به بنفسك، وهو انتظار 19 تشرين ثاني/نوفمبر، اليوم العالمي للمراحيض، لتلقي في أقربها إليك كل مواثيقك وعهودك الدولية وتتقاعدي. كل الأيام الدولية التي ذكرتها، هي أيام حقيقية لمنظمة الأمم المتحدة وغيرها الكثير.

 

بسام البليبل

كاتب سوري

Whatsapp