الفنّان التشكيلي
فتحي محمد قباوة
شهد حي الشمّاعين العريق في حلب ميلاد الفنان فتحي محمد قباوة عام 1917. انتشرت في هذا الحي العديد من الفواخير حيث اعتاد فتحي قضاء ساعات طوال متأملا المشهد الغريب لتشكيل القطع الفخارية، محاولا صناعة بعض الدمى أحيانا. توفي والده بعد ولادته بأشهر قليلة، ولم يكد يبلغ الثانية عشرة من عمره حتى خطف الموت والدته ليبقيه وحيداً مجبراً على العمل كي يعيل نفسه. اختار مهنة الحفر على الخشب وبذلك تشكلت لديه الأدوات الأولى لفن النحت. أتيحت له فرصة التعرف على المبادئ الأولية لفن الرسم والتصوير حين كان طالباً في التجهيز الأولى بإشراف الأساتذة منيب النقشبندي وغالب سالم.
نفذ تمثالا للزعيم الوطني سعد الله الجابري بعد وفاته بتكليف من بلدية حلب في العام 1948. قام المجلس البلدي في مدينة حلب بإيفاده لدراسة الفنون في إيطاليا حيث استطاع إنهاء مدة الدراسة في وقت قصير نظراً لمقدرته الفنية المتميزة عام 1951.
تنتشر أعمال فتحي محمد النحتية في حلب ودمشق والقاهرة. من أشهر أعماله تماثيل الشاعر أبو العلاء المعري والزعيم الوطني سعد الله الجابري والزعيم الوطني إبراهيم هنانو وغيرها الكثير من التماثيل. أخلص فتحي للثقافة الفنية التقليدية المتمثلة بمحاكاة الملامح الواقعية للتماثيل التي نفذها ثم طور الفنان فهمه للعمل النحتي بعد دراسته في إيطاليا فأخذ يهتم بعناصر جديدة كالحركة والايقاع البصري وتنوع السطوح. عندما تعاظم النضال ضد المستعمر الفرنسي كانت مساهمته من خلال العديد من رسوم كاريكاتورية تعكس الواقع السياسي وطموحات الشعب السوري.
استقر الفنان قباوة في حلب عام 1954 بعد اتمامه دراسة الفنون في إيطاليا وعمل كخبير في بلدية المدينة وأوفد الى دمشق لتنفيذ تمثال للعقيد عدنان المالكي لكنه اضطر للعودة الى حلب ليجري عمل جراحيا لاستئصال ورم خبيث في المعدة غير أن حالته الصحية تدهورت ليفارق الحياة في نيسان عام 1958.
على الرغم من تجربة فتحي القصيرة إلا أنها كانت تجربة إبداعية عميقة في مجال النحت والتصوير وفن صناعة الميدالية. يحمل المركز العربي للفنون التشكيلية في حلب اسم الفنان فتحي محمد.
يسر عيّان
كاتب سوري