انتخابات على خراب سورية


مع بدء العد التنازلي لإجراء الانتخابات الرئاسية في سورية المقرر عقدها في نيسان / ابريل من العام الحالي قدم مجموعة من المعارضين للنظام السوري عرضاً إلى موسكو بتشكيل مجلس عسكري مشترك بين الجيش العربي السوري وبين الفصائل المسلحة المنشقة عنه بقيادة مناف طلاس إلا أن موقف روسيا ما يزال واضحاً وصريحًا وهو التمسك ببشار الأسد وإجراء الانتخابات في موعدها المحدد على الرغم من فشل اللجنة الدستورية أيضاً في جولتها السابقة من التوصل إلى اتفاق بسبب تعطيل النظام السوري للعملية الدستورية وعجز واضح لدور الأمم المتحدة في تنفيذ عملها .

ولنفترض بأن الانتخابات أجريت في موعدها المحدد فما الذي سيقدمه بشار الأسد عبر بيانه الانتخابي للسوريين؟؟ هل سيقول لهم انتخبوا من دمر سورية وباعها للغزاة والمحتلين أو من جوع شعبها وجعل رغيف الخبز حلم للغالبية من السوريين.

ألم تصبح سورية في عهد بشار الأسد بفضل قيادته ثاني أكبر بلد فاسد في العالم حسب الاحصائيات فهل سيقول بشار الأسد عبر بيانه أيها الشعب السوري لو انتخبتموني سأعمل جاهداً في أن أجعل سورية في المرتبة الأولى في الفساد عالمياً.

ألم تصبح سورية اليوم ساحة تصفية حسابات بين الدول الكبرى منها إسرائيل وإيران والولايات المتحدة الأميركية.

وهل لو نجح الأسد في الانتخابات المقبلة سيتعهد للسوريين بإخراج جميع المليشيات العراقية والإيرانية وأيضًا روسيا من سورية. 

عشرون عاماً مرت على تولي بشار الأسد الحكم لم تتقدم فيها سورية خطوة إلى الأمام بل تراجعت كثيرًا. نصف حكمه عاشها السوريون حرب طاحنة بين أبناء البلد الواحد مع عقوبات اقتصادية لم تشهدها سورية من قبل وتهجير نصف السكان إلى خارج البلاد وارتفاع نسبة الفقر وتدني مستوى الدخل.

ومع انهيار كبير في الليرة السورية فقد وصل سعر صرف الدولار الواحد إلا ما هو أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمئة ليرة، انهيار لم تشهده الليرة السورية من قبل فقد فقدت أكثر من نصف قيمتها من جديد خلال عام واحد فقط.

20 عاماً من حكم الأسد لسورية لم يجلب لها سوى الدمار والخراب مع انهيار غالبية البنى التحتية فيها فكيف سيستطيع الأسد إعادة اعمار البلاد فيما لو نجح في انتخاباته المقبلة وسورية معزولة عربياً ودولياً. 

أرقام لم يسبق وأن وصلت إليها سورية لا في تاريخها القديم ولا الحديث فآخر الاحصائيات تقول حسب الأمم المتحدة إن تكلفة إعادة اعمار البنية التحتية في سوريا تصل إلى 450 مليار دولار ويلزم لها 15 عاماً فيما لو توقفت الحرب بشكل كامل. 

فكيف سيستطيع النظام السوري إعادة الإعمار بمفرده خاصةً مع إعلان غالبية دول العالم بشكل مستمر عدم مشاركتها في إعادة إعمار سورية فيما لو بقي بشار الأسد على رأس السلطة ودون انتقال سياسي لنظام الحكم في سورية.

أزمات كبيرة لا تنتهي تواجه النظام السوري في كل يوم ويعيشها السوري لأكثر من عام، مثل أزمة المحروقات والكهرباء والخبز ولم يستطع النظام السوري إيجاد حل لتلك المشكلات

فكيف سيواجه بشار الأسد السوريين في جميع هذه المشكلات. 

أليست أكبر إهانة للشعب السوري بعد أكثر من 10 أعوام أن يرضى العالم ترشيح بشار الأسد للانتخابات القادمة بعد قتله لأكثر من مليون شخص بين مؤيدٍ ومعارض ومئات المعتقلين والمفقودين وتهجير أكثر من نصف الشعب السوري خارج البلاد وتحطيم ملايين المنازل التي دمرتها طائراته وبراميله المتفجرة.

من السخف في عصرنا الحالي إجراء مثل هذه المسرحية أمام العالم بأجمعه فمتى اختار السوريون رئيسهم خلال نصف قرن مضى، وكل النتائج السابقة كانت مفبركة ومعروفة قبل إعلانها بشكل رسمي.

لكن بعد 50 عاماً من حكم آل الأسد لسورية ومع القتل والتشريد واغتصاب السلطة وكافة مواردها، نأمل الخلاص لهذا الشعب الذي عانى وما زال يعاني إلى يومنا هذا ويقدم أروع البطولات في سبيل تحقيق آماله وتطلعاته لبناء دولة ديمقراطية تسودها العدالة والحرية واحترام حقوق مواطنيه.

 

 

آلاء العابد    

كاتبة سورية

 

Whatsapp