تعال أبي
تعال اشهد حكايتنا
وقد صدئت حواشيها على عتمِ المسافاتِ
وقد حفلت لياليها بأوجاعِ العذاباتِ
لقد أصبحتُ يا أبتاهُ جَدّاً
عندهُ الأحفادُ والأسباطُ والألقابُ والأشياءُ،
لكن يشتهي
لو كنت موجوداً ليُلقي فوق كاهلكَ
الذي يسطيعُ
حملَ أبوّةِ الأيام بعضاً من معاناتي
أنا ما زلت ذاك الطفلَ _وهو يبارح السبعين _
يغرقُ في الصباباتِ
ويمشي في المتاهاتِ
ولا يُدركُ، يا أبتاهُ، مفهومَ الصراعاتِ
ولا يرتاحُ من حلُمٍ
على دفءِ الوساداتِ
تعالَ أبي
إلى الزمن الذي قد صارَ من أغلى حكاياتي
تعالَ لعلّني أرتاحُ من وهمِ رواياتي
تعال بطُهرِكَ الأبويِّ
كي تشهدَ أذيالَ النهاياتِ
وتأمرني وتنهاني
وتصحبني إلى زمني الذي قد ملّ إنساني
عسايَ أعودُ يا أبتي
لإنساني وغاياتي
هنا يا والدي قد مات ما كنّا نظنُّ بأنّهُ الحقُّ
على وقع المصيباتِ
هنا قد أوغلَ العدوان في دفن ابتساماتي
هنا صرنا كما الأيتام، لا أرضٌ ولا وطنٌ
ولا حلمُ البداياتِ
هنا ما أكثرَ التجّارَ في دمنا،
ولقمةِ عيشنا المضنى بأوحالِ السياساتِ
هنا جيلٌ بلا علمٍ ولا وعيٍ،
ولا أفقٍ ولا حلمٍ
ويتقنُ كلّ أشكالِ التفاهاتِ
أبي، أسمعتَ أم أنّ الرحيلَ المرَّ قد غطّى
على صحوِ النداءات؟
أبي قل لي:
أليس الحقّ أن نحيا على نُبل الرسالات؟
أليس الحقّ أن نرقى على سفهِ الدناءات؟
أليس الحقّ أن نمتلكَ الحقَّ،
نموتُ لأجله جوعى وعرياناً
ولا نخضعُ للباغي
ولا نرضى بغير الحقّ في رسم النهايات؟.
عبد الغني عون
شاعر سوري