الفنّان التشكيلي
ناظم الجعفري
ناظم الجعفري ..اسم له صداه الخاص في فضاء التشكيل السوري الواسع بنتاجه الفني الضخم حيث تعتبر أعماله سجلا توثيقيا لمدينة دمشق وعمارتها وأزيائها وتفاصيل حياة قاطنيها، كرس ناظم جلّ حياته التي استمرت قرابة قرن من الزمان لمشروع فني فريد سعى من خلاله إلى حماية تاريخ المدينة بأسلوبه الواقعي الذي لم يخلو من لمسات انطباعية مميزة. يقول الجعفري المولود في مدينة دمشق عام 1918 موضحا هدف مشروعه الفني: (لم أترك زقاقا أو حارة صغيرة كانت أم كبيرة إلا ورسمتها بتفاصيلها الدقيقة، رسمت مساجد دمشق وكنائسها، قبابها وأسواقها، بيوتها وغرفها وسقاطات أبوابها ليبقى كل ذلك سجلا للأجيال القادمة).
سافر ناظم إلى مصر مطلع أربعينيات القرن الماضي لدراسة الفنون في كلية الفنون الجميلة في القاهرة ليتخرج منها عام 1947.عمل مدرسا للرسم بعد عودته في عدد من مدارس دمشق. بعد افتتاح كلية الفنون في دمشق عام 1960 عين الجعفري رئيسا لقسم التصوير الزيتي ليكون المدرس السوري الوحيد وسط كادرٍ مصري كامل من الإداريين والمدرسين. عاش ناظم عزلة إرادية ممضياً وقته في محترفه الخاص في شارع بغداد، حيث ابتعد عن المشهد الثقافي ونشاطاته نتيجة موقف جرى في المعرض السنوي لفناني سوريا عندما تم منحه الجائزة الأولى مناصفة مع فنان آخر مما ترك أثراً سلبياً في نفسه، إلا أن عزلته هذه لم تمنعه من أن يكون أحد أكثر التشكيليين غزارة في الإنتاج. كان الجعفري إلى جانب عدد من الفنانين أمثال ميشيل كرشة ومحمود حماد من أوائل الفنانين السوريين الذين صمموا الطوابع البريدية السورية، حيث حصل على الجائزة الأولى في مهرجان الطوابع البريدية في باريس عام 1964.
عرض الجعفري أعماله خارج البلاد في أمريكا وأوربا، كما تم الاحتفاء به عام 2006 بتنظيم معرض استعادي لأعماله في المتحف الوطني في دمشق. من أشهر لوحاته سوق القوافين وطاحونة عربين. بيعت معظم لوحاته لتاجر لوحات لبناني بعد أن تجاهلت وزارة الثقافة عرضا من الجعفري بمنحها جميع أعماله شريطة عرضها في متحف يحمل اسمه. رحل الفنان ناظم الجعفري عام 2015 بعد رحلة فنية طويلة تاركاً إرثا كبيراً من لوحات حفظت آلاف الأماكن تنبض بالحياة كأنها خطت بالأمس رغم زوال تلك اﻷماكن من الوجود.
يسر عيّان
كاتب سوري