الثورة فكرة، والفكرة لا تموت مهما حاول الكثيرون اغتيالها، قد يتأخر انتصارها بسبب وجود وسائل مختلفة ضدها، لكنه مكتوب لها الانتصار.
عندما يخرج المارد من قمقمه لن يتمكن أحد من إعادته إلى الأسر والقيود، والشعب السوري انطلق بثورته منادياً بالحرية ولن تتمكن الدول من ارغامه إلى العودة إلى بيت الطاعة الأسدي، ليعيش عبداً خانعاً لعائلة الأسد وطائفته ونظامه.
في عام 2013 تمكنت الفصائل الثورية السورية من تحرير أكثر من ثمانين بالمئة من الأراضي السورية، ووصل الجيش الحر إلى ساحة العباسيين في دمشق، وما كانت تفصله عن مكان إقامة السفاح الأسد والاطاحة به إلا ساعات، قبل أن تتدخل أمريكا وإسرائيل وتضغطان على الدول العربية الداعمة للجيش الحر لإرغامه على ترك ساحة العباسيين والتوقف عن تحرير المزيد من الأراضي.
في عام 2013 التقينا بالقاهرة بمصر مع المبعوث الأممي الخاص بسوريا (الأخضر الإبراهيمي) الذي أعلن اعتذاره عن عدم تمكنه من تقديم أي شيء للشعب السوري وثورته، وأعلن أمامنا أنه ينوي تقديم استقالته بسبب إصرار العالم على:
عدم السماح بإسقاط نظام السفاح الأسد لأنه يعتبر خط الدفاع الأول عن الكيان الصهيوني، ولقيامه بحماية إسرائيل ومنع الاعتداء عليها.
عدم السماح بنجاح الثورة السورية وانتصارها، لأنها قد تهدد الكيان الصهيوني في حال انتصارها، وتطالب بإعادة الجولان السوري المحتل إلى السيادة السورية.
خرج الشعب السوري عام 2011 ليطالب بأبسط حقوقه بالعدالة والحرية والكرامة، فواجهه النظام المجرم بكل ما يخزنه من حقد وكراهية وأسلحة، ووقف العالم مع القاتل ضد الضحية مطالباً من الشعب نسيان التدمير والقتل والتشريد والتهجير والعودة صاغراً إلى النظام طالباً منه الصفح والغفران والعفو.
العالم المتحضر يتغاضى عن جرائم الأسد ويمده بما يلزم ليستمر بالقتل والتدمير، ويطالب الشعب بالانصياع والرضوخ لبقاء المجرم ومباركة انتخاباته الصورية، ليفوز ويبقى رئيساً على جماجم السوريين ويورث الحكم من بعده لابنه من أجل تنفيذ شعاره: (الأسد للأبد) و(الأسد أو نحرق البلد).
أكثر من مليون مدني استشهدوا بالتعذيب والاعتقال وبطيران النظام وحليفه الروسي بقنابل الطائرات والبراميل والسارين، وأربعة ملاين سوري معاقين ومرضى، وثمانية ملايين لاجئ ارتكبت بحقهم المجازر بقذائف التحالف الدولي بذريعة مكافحة الإرهاب، وذبح على أيدي الميليشيات الإيرانية الشيعية تحت ذريعة (يا لثارات الحسين).
سورية اليوم محتلة من قبل المستعمر الإيراني والروسي والأمريكي وهم من يتحكم في مقدراتها ومصيرها، ويستنزف خيراتها، والنظام الحاكم غير مهتم بما يحدث لسوريا وللسوريين، جلًّ همه الحفاظ على كرسيه واسمه كرئيس حتى لو بقي في منصب فخري، مسلوب الإرادة وتابعاً ومنفذاً لما يأمره المحتل به.
ما يجري في سوريا على مأساويته سيسقط الاستبداد بكل أشكاله، وستكون سوريا مصدراً لإشعاع حضاري جديد يغير مسار الأحداث في منطقتنا والعالم.
الثورة السورية بعد انتصارها ستواكب الحداثة والحضارة وتحافظ على حرية الانسان وكرامته، سينتهي بعدها الاستبداد بجميع أشكاله.
لا أعتقد أن هناك قهراً مرَّ بالبشرية يعادل هذا القهر الذي يهيمن على صدور السوريين، ولكننا على يقين أنه لو أجمع العالم بحكامه وبكامل أسلحته وجيوشه لإبقاء القاتل بشار الأسد فسيفشلون.
النصر يقينٌ ثابت لا يتزحزح، ولا بدَّ لثورة الحرية والكرامة أن تنتصرَ مهما طال الزمن، وسيسقط نظام القتل والاحتلالين الروسي والإيراني، وكافة ميليشياته الطائفية وعلى رأسها حزب الله الإرهابي وسيسقط معهم كل أمراء الحرب الذين سرقوا ثورتنا.
صبحي دسوقي
رئيس التحرير
