بينما تقترب الثورة السورية من إتمام عامها العاشر. وحيث تؤكد جموع الشعب السوري برمته، أن الثورة مستمرة وباقية ما بقيت في جوانية هذا الشعب العظيم تلك الروح التي عبر بها ومن خلالها ووقف في أواسط شهر آذار/مارس 2011 ليعلن أن كفانا ذلًا وهوانًا، ولأن الشعب السوري لا يذل، ولا نسمح باستمرار انتهاك حرماته، وأن الحرية هي الهدف والغاية، نحو إعادة تموضع جديد لأزمان أخرى لابد قادمة وخالية من العسف والقهر الأسدي، ومن أجل كنس السلطة/ العصابة الأسدية ودورها الوظيفي المشؤوم.
في هذه الذكرى نتوجه إلى لفيف من السوريين، وأهل الثورة، لنقف مع بعض الآراء، وكيف يرون مستقبل انتصار هذه الثورة، ضمن سياقات متعثرة وتخلٍ معولم عن الشعب السوري وثورته، وهل مازال الأمل معقودًا ومتجسدًا في المخيال، وصولًا إلى دولة العدل والحرية والحق والقانون.
الكاتب محمد أمين الشامي قال لإشراق:" منذ انطلاقتها سميت بالثورة اليتيمة؛ ومنذ أن صدحت الحناجر نادت: "يا الله ما لنا غيرك". إذن، من اللحظات الأولى للولادة أدرك الشعب أنه يدخل معركة الحرية وحيداً وسيبقى كذلك، ويخوضها وهو أعزل من كل سلاح إلا من سلاح اليقين، اليقين بالنصر. وإذا تابعنا المواقف الدولية على مدار السنوات الماضية سنكتشف أنها مرت بأطوار عدة منها طور اللايقين من التبعات الملتبسة، ثم طور التشكيك بحواملها وروافعها، لينتقل بعدها إلى طور الخوف من الأسلمة، لينتهي بطور الحرب غير المعلنة لتمييعها. وبالتالي صب جل الاهتمام على قتل هذا اليقين وبعثرة أدواته ومحق محركاته ودوافعه. وربما علينا أن نعترف، ولو من باب الشفافية، أن الجميع ساهم في إنجاح هذا التوجه من خلال التشرذم والانقسام بناء على إيديولوجيات دينية أو سياسية أو إثنية أو حتى مناطقية وإهمال الجامع الوطني الذي يفترض الاعتصام به إبانها." ثم أضاف " وزاد الطين بلة أن تولى الأمر من ليس له بأهل نتيجة الفراغ الذي خلفه انكفاء المؤهلين لقيادة هذه المرحلة الفارقة لأسباب شتى ليس أقلها حالة اللايقين تلك التي انسحب تأثيرها على قراءة المواقف وأرخت بظلالها الثقيلة على التنبؤ بها والإعداد لها، وليس أعظمها تهافت الجميع لرسم ملامح اليوم الثاني كما أسموه فيما اليوم الأول ما زال ملتبس الملامح. لم نمتلك أدوات الفعل السياسي لانعدام التجربة التراكمية والخبرة اللازمة بداية، وبأننا تخلينا عن فكرة امتلاكها لاحقاً يوم رضينا بتسليم القرار الوطني للآخرين وتحولنا إلى مجرد متفرجين على مستقبلنا وكيف يفصلونه لنا. ولاسترجاع الفعل، فلنبدأ من التسمية واستبدال كلمة معارضة بكلمة ثورة والعمل بهدي دلالات هذه الصفة لبناء المؤسسات وانتقاء الفاعلين ورسم المسارات، وعندها سيغدو الحديث مختلف المفردات ليصبح اللايقين يقيناً."
أما الكاتب والباحث المعارض موفق زريق فقال:" كل ما يجري الآن هو إشغال وتقطيع وقت سواء مفاوضات أو أستانا أو دستورية وكل ذلك خارج قرار الأمم المتحدة ٢٢٥٤حتى هذا القرار لن ينفذ، وفقا للمعطيات على الأرض، ووفق المعطيات الدولية، لسنا في تعثر بل في جمود،
ولا يوجد حل سياسي يتفق مع أهداف الثورة حاليًا، هناك إدارة للأزمة تنتظر التفاهم الأميركي الروسي لتنفيذ تسوية سياسية وليس حلاً سياسيًا إلا إذا حصلت مفاجأة ما، ويجب على قوى الثورة عدم الانتظار، بل تكثيف كل الجهود لبناء كتلة وطنية ثورية عريضة، تقاوم التسويات القادمة على حساب أهداف الثورة. بغير ذلك لا أمل لنا".
من جهته فقد أكد الناشط والكاتب يوسف الغوش أنها " أيام وتمضي، عشر سنوات على انطلاقة الثورة السورية ففي البدء لم يكن يتوقع الثوار الذين طالبوا بالحرية والكرامة رغم معرفتهم بطبيعة نظامهم الإرهابية. أنه سيمضي كل هذا الوقت وبهذه التضحيات الكبيرة في أعداد الشهداء والمعتقلين وفي عظيم الدمار والتهجير. ومازال النظام الذي ثاروا عليه قائمًا ويضاف إليه العديد من الاحتلالات مع انهيار شبه تام للمجتمع والأرض السوريين. أسباب كثيرة داخلية وخارجية أوصلت البلاد لما وصلت إليه. منها بنيوية تتعلق بطبيعة النظام الطائفية الأمنية وانفراديته الوحشية ومنها ضعف الخبرة والتجربة ومؤداها من انقسامات وصراعات بين المعارضين والثائرين عليه. وكذلك جدية داعمي النظام وانتظامهم. وأيضًا الصراع على النفوذ والتراخي وتغير الأولويات لما سمي "بأصدقاء الشعب السوري". ثم قال " الثورة السورية بقواها وبعد سلسلة التراجعات المأساوية تبدو على مفترق طرق. ويمكن أن تتحول إلى قضية مزمنة كغيرها من القضايا التي لم تجد حلاً لتظل في أدنى سلم اهتمام المجتمع الدولي أو إضافة تداعيات كارثية جديدة مثل ازدياد معدلات الفقر والعجز وتثبيت مناطق النفوذ مع نضوج وقائع التقسيم وتضاعف عمليات التطهير والتجنيس الطائفي والعرقي وتثبيت القوى المحلية والخارجية المهيمنة على الأرض لتغدو قضية المعتقلين والمهجرين ومحاسبة المجرمين من القضايا المنسية أو تستجمع قوى الثورة المخلصة إرادتها بإنضاج تجاربها وتفعيل كفاءاتها في توحيد قواها السياسية والعسكرية والحكومية والمجتمعية والمادية على أسس مبادئ الثورة وأهدافها في سياق المشروع الوطني الديموقراطي لينعكس كل هذا على تجاوز التراجعات واليأس العام ولتعزيز صلابة المجتمع الثائر وقواه الحية ولمزيد من إضعاف النظام وإذكاء تناقضاته وتعزيز محاصرته سياسيًا وماديًا وأخلاقيًا وقانونيًا عبر القوى الذاتية المتنامية للثورة مع بناء وتنسيق لعلاقات مصلحية مستقلة ومتنوعة مع الفاعلين الإقليميين والدوليين بما يفيد تطلعات شعبنا نحو التغيير والحرية والعدالة والاستقلال".
أما الناشط ورسام الكاريكاتير السوري محمد أمين سعدو فقال: " لعل النصر بالمفهوم المعلوم بعيد المنال بل من غير المنطقي التكلم عن هكذا نصر. والمحافظة على الثوابت الوطنية والديموقراطية في العقل الجماهيري والحث على التمسك بها هو الذي يمكن أن يكون المحرك لاستمرار الدفع باتجاه الهدف الذي قامت من أجله ثورتنا. ولعل الحفاظ على روح الثورة أقصى الأمنيات الممكنة اليوم".