طالما هذا الضجيج بداخلك لن يشعر بك أحد
إن سألت نفسك لحظة إن كان هذا صديقاً فهو ليس صديقاً، الصداقة أمان واستقرار، ثقة ومشاعر جميلة، ومن وقف أمامي فجأة في زحام الحياة، وسألني عن أحوالي، لازال هناك لحظة ترف في زمن الشح، بالرغم من كل الصداقات الوهمية التي نتشبث بها مازال هناك مكان في الداخل نظيف جداً في القلب الذي لم يعرف الحقد يوماً، من أين لهم كل هذا السواد؟؟، لا تنسوا أن ترشوا ملحاً على قلوبنا قبل أكلها، وأن تبعدوا أنفاسكم فقد شممنا رائحة الغدر وليس لنا معرفة سابقة بتلك الروائح، فقد آذيتم أرواحنا بقذارتكم.
ما أصعب الغدر؟ من ترتدي أمامه سترة واقية ويدعك أن تبرر أمامه أنك مظلوم وأنك لم تكن تقصد إيذائه فهذا ليس من طبعك ولا من شيمك، فابتعد عنه واحمد ربك أنك لن تحتاجه يوماً، تنَّفس آخر أنفاسك معه واعتبره سراباً، لأن هذا الحمض الذي يجري في عروقنا يمنعنا من ملامسة مشاعر الآخرين وإن كانوا غير جديرين بأن تراعى مشاعرهم لأنهم آذونا في الصميم وأدهشونا بما يحملونه اتجاهنا من غلٍ وحقدٍ وكرهٍ ونحن نيام فطيبة قلوبنا أصبحت نادرة في هذه الأيام، لم يوقظنا أحد ويقول لنا احذروا إلى أن أيقظنا تكشيرهم عن أنيابهم دون أي ذنب اقترفناه، لسنا مغفلون لأننا لم نكشفهم كل هذه السنوات، ولكن كنا نعيش حياتنا على سجيتها خالية من كل العقد والأوهام، أنا هنا حائرة بهذا القلب الذي تربى على الود، وأنا بدوري عملت بجدٍ لأجد نفسي وأحترمها.
قيل لنا ألا نعطي كلماتنا لمن لا يقرأ، ولا نصادق من لا قلوب لهم، هناك من يخط لنا الكراهية ويغذيها من ذاته، وأجدهم مثيرون للشفقة، لننقذ أرواحنا منهم، ونعتبرها ورطة تغلبنا عليها، لقد وجودوا معنا بخطأ مطبعي أو صدفة مفيدة وضعتهم أمامنا كي نعرف من هو الصديق الصدوق، بهذه الحياة تغير كل شيء وكأن الدنيا قلبت رأساً على عقب، وخرج الظفر من اللحم وتحولت الدماء إلى ماء، ومات الكثير من الجوع، وحبل الكذب ما أطوله، وبكت الرجال!!!!، الصداقة نقش على جدران الزمن، لحظاتكم المستعارة وابتعادكم لم يقتلنا بل زادنا قوة فأجسادنا غير مجردة من العواطف، بل ايقظتم بداخلنا حلماً جميلاً بعيداً عن الصداقات المزيفة وشعرنا بأن جرحنا الوهمي تعافى، لنحتضن سعادتنا مع الأصدقاء الحقيقيون أنفاسهم تلازم أنفاسنا ونظرات محبتهم تلاحقنا أينما كنا فهم يشعون كالشمس في حياتنا بالرغم من كل تقلبات الأرصاد، لا يتحدثون معنا طويلاً ولكن كلمة واحدة منهم تبعث فينا الحياة، هناك أحبة يبيعون الدنيا من أجل ابتسامة عابرة منا، لا يمكن أن نخلط الأوراق ونجحف بحقهم، شتان بين الواقع والفقاعات، سلم النجاح يرافقنا سويةً، نعبر معاً وننجو سوية رغم المسافات، نواصل سيرنا دون أن نتحدث عنهم فلنا نحن الأولويات، نقفز سوية لنمسك بالقمر، وخواطرنا رائعة مثل الربيع، نحن الآن بأفضل حال، وهناك من يسندنا وآمالنا لا تقبع بصندوق صداقة واهية، أحياناً يكون الجرح في مكان والألم في مكان آخر، فألم فقدان الوطن طغى على كل الآلام، ونحن لن نتوقع الإخلاص ممن لا يملك الإخلاص، ويحترم الخبز والملح الذي كان، لم أخسر قلبي في لحظة وداع لا يعقبها لقاء، شكراً لغدركم، لأنه عرَّفنا بوقت متأخر جداً أن هناك أشراراً يرتدون أقنعة الصداقة كانوا يوماً ما بيننا.
إلهام حقي
رئيسة قسم المرأة