ذاكرة الفن التشكيلي السوري


 

 

الفنّان التشكيلي

فاتح المدرس

 

ولد الفنان فاتح المدرس في قرية حربتا – حلب (1922) ليكون واحدا من أهم رواد الحركة التشكيلية السورية المعاصرة. نشأ فاتح في بيئة ريفية عند أخواله بعد مقتل والده، ثمّ بعد ان أمضى طفولة قاسية انتقل للعيش عند أعمامه في حلب حيث تابع دراسته فيها. ظهرت موهبته الفنية في سن مبكرة. صقل موهبته بإشراف من معلمه وصديقه الفنان وهبي الحريري. درس في أكاديمية الفنون الجميلة في روما-ايطاليا وتخرج منها عام 1960. قابل جان بول سارتر الفيلسوف الفرنسي المعروف ونشأت صداقة بين الاثنين حيث اقتنى سارتر مجموعة من أعماله وترجم مجموعة من أشعاره. عمل مدرسا في كلية الفنون الجميلة في دمشق بين عامي 1962-1969. غادر سوريا إلى باريس ليعود بعد نيله درجة الدكتوراه عام 1972.كان عضوا مؤسسا في نقابة الفنانين ثم رئيسا لها مدة أحد عشر عاما. كان المدرس مجموعة متكاملة من المواهب والخبرات والمعارف حيث اجتذب فاتح الفنان والشاعر والموسيقي الكثير من رواد الفن والأدب إلى محترفه في شارع ميسلون-دمشق. أقام خلال مسيرته الفنية عشرات المعارض الفردية وشارك في الكثير من المعارض الجماعية وحاز على الكثير من الجوائز الاولى والميداليات الذهبية.

ساهمت تجربة فاتح المدرس في تطوير التشكيل السوري بما حملته من غنى وحداثة. اشتهر بلغته التعبيرية الشخصية والشعور الانساني والوعي بالفواجع. تناول مواضيع القرابة والحرمان الاجتماعي والريف والتضحيات والأرض. كونت البيئة الريفية التي عاشها المدرس في طفولته إضافة إلى مفاهيم شرقية وأساطير رافداً هاماً في مسيرته الإبداعية، ألف كل ذلك مخزونا كبيرا في ذاكرته تفاعل مع الثقافات المحلية والعالمية. لوحاته مفتونة بالاختزال الشكلي وأحاسيس الطفولة في عموم أعماله. يمكن قراءة أعمال المدرس على أنها مزيج من تيارين مختلفين لكن مرتبطين ألا وهما السريالية والصوفية ليتحول بذلك لجسر يصل الشرق بالغرب. نجد في لوحاته مزيجاً مدهشاً من الرؤية البصرية والرؤية الفنية التعبيرية ضمن شكل فني متكامل ممتع. لا يأبه بقواعد الرسم فهو يرسم ليحقق حالة تعبيرية من خلال معرفة عميقة بأسرار اللون وخطوط تلقائية عفوية.

من أهم اعماله لوحة (كفر جنة) التي بهرت النقاد ونالت الجائزة الاولى في المعرض الرسمي في دمشق عام 1952 كما تعد لوحة (التدمريون) نموذجا لنتاجه الفني عبر ألوان سمراء وبنية محمرة (لون معظم المناطق في سوريا) وأشكال تشبه الدمى المضغوطة التي تصنعها النسوة في الريف السوري من الخرق الملونة متعددة الالوان.

رحل الفنان فاتح المدرس في شهر حزيران عام 1999 بعد تجربة غنية أغنت التشكيل السوري والإنساني. 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

: المراجع

المتحف العربي للفن الحديث

الموسوعة التاريخية لأعلام حلب

مقابلة صحفية مع جاك الاسود-صحيفة الكرمل-1982

مقال للفنان محمود مكي

 

 

يسر عيّان

كاتب سوري

Whatsapp