في عام 2011 بدأت شمس الحرية تشرق في سماء طموحات الشعوب العربية. وفجأة وبدون مقدمات، شعرت الشعوب العربية أنه وبعد طول انتظار وصل قطار العدل يجر من ورائه قاطرات الحرية والأمل والمستقبل الجميل للحاضرين وكذلك للجيل القادم. بدأت الأضواء تسطع من تونس لتمر على مصر فليبيا فاليمن وسورية. ولكن لم تدرك تلك الشعوب أن هناك من هو داخلهم ومن بني جلدتهم من سيكون ضدهم وهم يملكون من القوة، كل أدوات هذه القوة من سلطة ونفوذ ومال. كما لم تدرك الشعوب أن هناك مؤامرة تحاك ضدهم وكان للثورة السورية طابعًا خاصًا ومختلفًا بعد أن أثبتت الشعوب نجاحها أو على الأقل بوادر نجاحها. فخرج الشعب السوري يرقص ويغني حاملاً الورود وزهور الياسمين الشامي إلا أن ذلك قوبل برصاص في الصدور من قبل نظام الطاغية الأسدي.
تكالبت كل الأمم وأغلقت في وجهه الأبواب العربية والغربية ولم تحفظ الحكومات العربية جميل الشعب السوري الذي فتح أبوابه لكل العرب وقت الأزمات. – لبنان – العراق – مثالًا.
قامت الحكومات وتركتهم فريسة للأمواج تارة وللصحاري تارة أخرى. واتفق الجميع بعقد ضمني غير مكتوب على تشريد الشعب السوري حتى باتت الأسرة الواحدة المكونة من خمس أفراد موزعة على خمس قارات. وبعد مرور عقد كامل وضحت الصورة بكل أبعادها حيث أن المقصود من ذلك أن تكون سورية هي المحطة الأخيرة للامتداد الثوري وغيره لباقي الشعوب التي تعيش في كنف النظم الملكية التي لم تمسها الموجات الشعبية، وأن يكون الشعب السوري هو مضرب المثل الواضح للشعوب التي تأمل في التحرير ليس من الاستعمار – ولكن من الداخل أيضًا.
كما أصبحت الدول التي تحتضن بعضًا من الشعب السوري تفتخر على أنها لم تبن على أرضها مخيمات لهم رغم أن المواطن السوري أينما حل في أرض يضيف إلى خصوبتها خصوبة. وإلى اقتصادها انتعاشًا ولم يكن يومًا عبئًا على كاهل الحكومة أو أي مسؤول. بل يعمل ويعلم الآخرين ومازالت ابتسامته على وجهه رغم الجروح العميقة ومع كل السواد، إلا أنه مازال هناك أمل يلوح في الأفق من خلال تعامل الشعوب العربية مع الشعب السوري رغم التعامل العكسي من قبل الحكومات العربية، وذلك يدل على أن الشعوب العربية في وادٍ والحكومات في وادٍ آخر، ولا تعبر بالضرورة عن رغبات شعوبها. بل تخشى على عروشها الزائلة. لنقول لمواطنيها أنه يجب على الثورة العربية الوقوف عند محطتها الأخيرة وهي محطة سورية.
يوسف المطعني
كاتب ومحامي مصري